«التاريخ السوري».. شباب عشق تاريخه فوثقه إلكترونياً

لما كان التاريخ مرآة الأمم يعكس ماضيها ويترجم حاضرها، ومن خلاله تستلهم مستقبلها كان لا بدّ من الاهتمام به والحفاظ عليه، ولأن التاريخ السوري حافل بالإنجازات المشرقة والأعلام المبدعة التقت مجموعة من الشباب السوري العاشق لتاريخه لأجل هدف واحد هو الإضاءة على هذا التاريخ، والإعلان عنه والتعريف به من خلال الشبكات الإلكترونية. فعملوا على جمع ألبومات وملفات كبيرة من الوثائق والصور التي تحمل بين طياتها معلومات عن حقبٍ متنوعة من تاريخنا السوري في شتى المجالات، لأجل نشره عبر شبكات التواصل الاجتماعية، الفيس بوك، تويتر… إلخ، تحت مقدمة تعرّف بهم وتقول: (ربما لسنا أساتذة أو محاضرين بالتاريخ، لكنّ إيماننا بالتاريخ يرغمنا على أن نبحث ونتقصى عن أي معلومة قبل تقديمها لكم لنكون ثقات مع أنفسنا ومعكم).

وللتعرف على أعضاء صفحة (التاريخ السوري)  وأهدافهم التقينا في جريدة (النور) الآنسة نارينا الخليل صاحبة الفكرة، والتي بدأتها مع مجموعة من الشباب الجامعي، إذ ظهرت فكرة تأسيس صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن التاريخ السوري في 8 شباط2012 وحدثتنا عن الهدف من الصفحة قائلة: (هدفنا جمع أكبر قدر ممكن من الوثائق والصور والمعلومات حول تاريخ سورية عبر مختلف العصور، وفي جميع المجالات السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية والمعيشية. وذلك سعياً لإيصال التاريخ السوري إلى قلب وعقل كل مواطن سوري. وتابعت تقول: (ولأن التاريخ أمانة في أعناقنا علينا أن نعمل  معاً للبحث في أسراره ونقلب الصفحات في حياة أمتنا، لنناقش التاريخ السوري ونتبادل معلومات هامة عن سورية وعن تاريخها العريق). وعن توجه الصفحة قالت: (ولأن مايجمعنا نحن السوريين أصبح مرهوناً بتوجهاتنا وانتماءاتنا، فكانت الفكرة تأسيس صفحة تتحدث عن تاريخ شفوي وجامع، بغض النظر عن التوجهات والانتماءات).

وعرّفت الخليل القائمين على الصفحة بقولها: (القائمون على الصفحة مجموعة شباب من مختلف المحافظات السورية، تقاسمنا المهام بيننا، من ترجمة وجمع أرشيف وتصميم ومتابعة وغيره..). وعن آلية العمل وطريقة جمع المعلومات وإعدادها قالت: (نعتمد على أرشيفنا الشخصي وأرشيف الأصدقاء والمعارف وبعض الشخصيات، إضافة إلى المحتوى الرقمي الموجود على شبكة العنكبوتية والأرشيف المتداول والصور والمعلومات المتوفرة في الكتب التاريخية، ونستعين أيضاً بالأرشيف الموجود لدى الجهات الرسمية وغير الرسمية. والمجال مفتوح لأي مورد يرغب في تقديم أرشيفه وخبرته، ومن ثم نعمل على صياغة هذه المعلومات وترجمتها للغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، وتقديمها في مقاطع صغيرة مركّزة وسهلة القراءة). وأكدت الخليل أن ما جمع فريق العمل هو حب الوطن وتاريخ هذا الوطن. وتابعت تقول: (نحن مجموعة عاشقة لتراثها بكل تفاصيله، ونحن شباب يحاول الوصول إلى الجميع ليقدم لهم التاريخ السوري كما هو، بغض النظر عن توجهاته وانتماءاته).

وأشارت الخليل إلى تواصل مجموعة من الشباب العربي القائمين على مشروع مُتَرجمwww.moutarjam.com مع إدارة الصفحة بهدف التشبيك معهم، إذ يعمل هذا المشروع على ترجمة مقاطع الفيديو والمقالات في جميع المجالات، من صحة وعلوم وآداب وثقافة وتاريخ من لغات العالم إلى العربية. وقالت: (تبلور هذا التعاون بمنح صفحة التاريخ السوري حيزاً عبر موقع (مُتَرجم) الإلكتروني يتم فيه الحديث حول تاريخ سورية وتراثها العريق).

وفيما يتعلق بالمعوقات والمشاكل التي واجهت هذه الرحلة قالت الخليل: (عندما بدأنا كان في معلومنا أننا سنتعرف على الكثيرين في رحلتنا هذه، سنتعرف على الكبار في السن الذين كانوا جزءاً من ذاك الماضي، وسينظرون إلى صفحتنا ويعودون بذاكرتهم معنا. وسنتعرف أيضاً على الشباب السوري المتعطّش لمعرفة ماضيه وماضي بلده. كما سنتعرف على أناسٍ مثلنا همّهم نقل التاريخ بأمانة ودقّة. سررنا كثيراً لمّا تعرفنا على هؤلاء جميعاً، ولكن لا نخفيكم أيضاً أننا تعرفنا في رحلتنا هذه على أناسٍ يظنون أن التاريخ حكر لهم، وأنهم المخوّلون الوحيدون بنقل التاريخ ولا يحق لغيرهم أن يكتبوا عنه ولا أن يتحدّثوا به. هؤلاء نحن ننظر إليهم كشركاء، وهم ينظرون إلينا كأعداء. ومع هذا سنتابع الطريق لأن هدفنا الأوحد أن يصل التاريخ السوري إلى كل سوري لنبحث جميعاً عمّا يجمعنا).

ولدى سؤال (النور) عن الأهداف المستقبلية للصفحة قالت: (العمل على إطلاق موقع إلكتروني متخصص بالتاريخ السوري يترجم محتواه إلى الإنكليزية والفرنسية وغيرها من اللغات، إضافة إلى إقامة مناسبات خاصة بالتعريف بالتاريخ السوري وعرض مواد أرشيفية نادرة، وأيضاً تجهيز بعض الأدلة إلكترونياً حول بعض المواضيع الهامة في التاريخ السوري وإرسالها بريدياً إلى الأعضاء).

بقي أن نشير إلى أن (التاريخ السوري) مشروع تطوعي ليس له أي هدف ربحي أو تجاري، والصفحة الموجودة على موقع (الفيسبوك) تضم اليوم ما يزيد على 47 ألف معجب، تتنوع بلدانهم وانتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية. وتقوم الصفحة بنشر المواد الأرشيفية من صور وفيديو ومقالات صغيرة ومقطوعات موسيقية سورية قديمة.

العدد 1107 - 22/5/2024