حملة «جنسيتي» في تحرك جديد إقليمياً

تحت عنوان (أمي أردنية وجنسيتها حق لي)  أصدرت (المساواة في الآن) في الأردن  نشرة عمل تهيب فيها بالسلطات الأردنية تعديل قانون المواطنة القائم لديها لتمنح المرأة حقوق المواطنة على قدم المساواة مع الرجل، وفقاً لالتزامات الأردن القانونية الدولية.

ففي ظل القانون الأردني رقم 6 لعام 1954 بشأن الجنسية، وكان آخر تعديل له في عام ،1987 لا يحق للمرأة الأردنية المتزوجة من رجل غير أردني، مع استثناءات قليلة، نقل جنسيتها لزوجها أو أطفالها. ولمناهضة هذا القانون، الذي لا يساوي بين الأردنيين، والذي يؤثر سلباً على الأمن وسبل العيش، والنساء المتزوجات من غير المواطنين الأردنيين، أسست نعمة الحباشنة حملة (أمي أردنية وجنسيتها حق لي). ومدفوعة من النساء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، وبدعم من جمعية النساء العربيات، لتقود سلسلة من الاعتصامات أمام وزارة الداخلية وغيرها من المكاتب الحكومية. وعلى الرغم من أن انتخابات مجلس النواب الأردني الجديد لم تُجْرَ بعد، فإن مجلس الوزراء الذي ما زال يعمل لديه القدرة على إصدار تعديل مؤقت.

وفي لبنان نفذت (حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي) من خلال جمعية عمومية للنساء اللبنانيات المتزوجات من غير اللبنانيين وأسرهن، شاركت فيها نحو مئة امرأة معنية من مختلف المناطق اللبنانية، من أجل الدفع بعمل اللجنة الوزارية والضغط على المسؤولين خاصةً قبيل الانتخابات النيابية المقبلة. فقد شددت الأغلبية على ضرورة تكثيف التحركات الميدانية من اعتصامات وتظاهرات حملات التوعية والمناصرة في الجامعات والمدارس، في جميع المناطق اللبنانية، إضافةً إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

وأكدت حملة (لأنهم أولادي… جنسيتي حق لهم) ضمن فعاليتها في شهر شباط الماضي مطلبها الواضح في شأن قانون يحمي المرأة اللبنانية من عنف السلطات الرسمية.

ولفتت إلى أن هذه هي الحال مع مؤسسات الدولة وأجهزتها في كل ما له علاقة بحقوق المرأة المنصوص عليها في مقدمة الدستور وفي مادته السابعة)، معلقة على (قرار اللجنة الوزارية المكلفة البحث في حق المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني في إعطاء جنسيتها لأولادها، تأجيل البت في هذا الموضوع مرة جديدة، مكتفية بنقاش كيفية تحسين بعض التقديمات، بدءاً من شروط الإقامة والعمل)، لافتة إلى أن (المسؤولين ربما ينظرون إلى المرأة بوصفها مواطنة من الدرجة الثانية، أو كأنها تطلب صدقة عندما تطالب بحقوقها المشروعة).

و عقدت كل من حركة 25 شباط/ فبراير، وحركة لا تلمس جنسيتي في موريتانيا، مؤتمراً صحفياً يوم السبت 9/3 بمقر الكونفيدرالية العامة لعمال موريتانيا، دعت فيه للتظاهر في (يوم الحقوق) للمطالبة بكل الحقوق المنتهكة، ومن ضمنها حق المرأة بمنح جنسيتها لأبنائها. وأن المنسق العام لحركة لا تلمس جنسيتي وضَّح أن اختيار اسم (يوم الحقوق) جاء لتأكيد أن هذا اليوم مفتوح لكل أصحاب المظالم وأصحاب الحقوق. وأن كل هذه التنظيمات تسعى لإقامة ديمقراطية حقيقية وإقامة دولة العدل والمساواة التي ينال فيها كل الموريتانيين حقوقهم. كما أوضح أنهم في (لا تلمس جنسيتي) مصرون على المطالبة بإحصاء كل الموريتانيين، وأن المقيمين في الخارج ما زالوا يجدون صعوبة فيه. كما أنهم يطالبون بتوزيع عادل للثروة، وبمشاركة كل الموريتانيين في مستقيل بلدهم.

وفي سورية لا تزال الحملة مستمرة بين مدّ وجزر، ليبدو اليوم أن الموضوع يعود إلى طاولة النقاش بأمل إنصاف المرأة بإعطائها الحق المتساوي للرجل بمنح الجنسية بموجب حق الدم.

 وقد بدأت الحملة في سورية مع حملة إقليمية، واليوم  نترقب صدور قانون يعطي المرأة السورية الحق في منح الجنسية لأبنائها بعد سنوات طويلة من العمل لأجل ذلك. فمنذ العام 2003 بدأت رابطة النساء السوريات حملتها للمطالبة بإعطاء المرأة السورية حقها بالمساواة مع الرجل بمنح جنسيتها لأطفالها وزوجها. وجاء ذلك تناغماً مع حملة إقليمية بين لبنان وسورية والأردن ومصر وعدد من الدول العربية، كونها تتساوى في حرمان المرأة من منح جنسيتها كاتجاه ذكوري يرى أن حق الجنسية بالدم مرهون بالذكر دون الأنثى…. وقد تضامن مع هذه الحملة حينذاك 35 نائباً في البرلمان السوري، وتبنوا مطالبها عبر مشاركتهم في وثيقة التواقيع التي أطلقتها الرابطة، والتي رُفعت إلى رئيس مجلس الشعب في ذلك الحين. إضافة إلى الكتاب الذي رفعته الرابطة إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 16/5/2006 مرفقاً بعريضة وقع عليها آلاف من المواطنين يطالبون بالتعديل. ومن خلال الحلقات وورشات العمل التي أقيمت في سورية، بالتعاون مع الاتحاد العام النسائي، والهيئة السورية لشؤون الأسرة، التي شارك معها عدد من الوزارات، تبينت الآثار السلبية التي تنتج عن حرمان المرأة السورية المتزوجة من غير سوري من منح جنسيتها لأطفالها وزوجها، خاصة عندما يكون موطن الأسرة في سورية، إذ تنشأ أسرة بلا جنسية سورية، وبالتالي تصبح عالة على المجتمع في حال عدم قدرتها على العمل والتملك والتنقل بسهولة ومتابعة التعليم العالي وما إلى ذلك..

بينما بالمقابل يستطيع الذكر أن يعطي أولاده الجنسية السورية ولو لم تطأ أقدامهم الأرض السورية، ولم يبنوا بينهم وبينها أية علاقة تواصل أو انتماء فعلي، فقط بموجب حق الجنسية بالدم. وهذا من التمييز الذي يُعدُّ انتهاكاً للدستور وللاتفاقيات الدولية المصادق عليها، كاتفاقية إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

أما حملة »جنسيتي حق لي ولأسرتي« فقد انبثقت من برنامج ربط النوع الاجتماعي والمعلومات وهو مبادرة إقليمية أطلقت في العام ،1999 هدفت إلى بناء القدرات في مجال تحليل النوع الاجتماعي من خلال التدريب التحويلي (يتوخى إحداث التغيير)، البحث، الاتصال والتواصل، والمناصرة.

انطلقت الحملة عند إحداث اللقاءات الإقليمية لشركاء مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي في البلدان العربية، الذي استضافته الرابطة الديمقراطية لنساء المغرب في الرباط، عندما أجمعت الهيئات المشاركة في اللقاء على أن قوانين الجنسية في منطقتنا تشكّل تمييزاً صارخاً ضد النساء، وتعاملهن كمواطنات من الدرجة الثانية.

منذ ذلك الحين، تطورت الحملة وتوسع نطاقها الجغرافي ليشمل لبنان وسورية ومصر والبحرين والجزائر والمغرب والأردن، إضافة إلى عدد من التحركات غير الرسمية في بلدان الخليج الأخرى. وابتداء من عام ،2004 أقدمت البلدان  العربية على إصلاح قوانين الجنسية لديها بدءاً من مصر التي تلتها الجزائر فالمغرب، وليبيا، وفلسطين، واليمن وتونس.

تحظى الحملة على الصعيد العالمي بدعم من برنامج المطالبة التابع ل (جمعية التضامن النسائي للتعلّم) بالمواطنة المتساوية. أما على الصعيد الإقليمي فيدعمها تحالفُ مساواة دون تحفظ، الذي يدعو إلى رفع جميع التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء، والبدء بالتنفيذ الفوري والكامل لبنودها، والتصديق على البروتوكول الاختياري الخاص بها.

أما الهدف الرئيسي للحملة فهو المساهمة في تحقيق المواطنة الكاملة للنساء العربيات بواسطة إصلاح قوانين الجنسية والتنفيذ الكامل لاتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتتضمن أهدافه المرحلية رفع الوعي العام وحث النساء والرجال وتنظيمهم/هن للمطالبة بإصلاح قوانين الجنسية، ونشر المعرفة حول آثار انتهاك حق النساء في الحصول على الجنسية على ممارستهن لحقوقهن الأخرى كمواطنات، والمساهمة في رفع التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء وتنفيذها.

ولا تزال النساء والعائلات تنتظر حقّها بالجنسية.

العدد 1105 - 01/5/2024