كريمة الصقلي في «بيت القصيد»

يوسع الإعلامي اللبناني زاهي وهبة  دائرة ضيوفه في برنامجه الحواري (بيت القصيد) على شاشة الميادين ليقدم نماذج إبداعية عربية من مرجعيات فنية، ومن مستويات ثقافية عديدة في المسرح والفكر والشعر والغناء، ويحاول في برنامجه كشف تفاصيل حياة المبدع وتواصله الفني والجمالي في العودة إلى الذاكرة والبدايات.

وفي حلقة المغنية المغربية كريمة الصقلي دخل المشاهد والمتتبع في أجواء الصوت وصوفيته عبر النماذج الغنائية التي أدتها كريمة الصقلي في مفاصل الحوار.

ورغم أن الحديث بدأ عن الأسطوانة الجديدة (الحب الشريف)، إلا أن الحوار دخل في أجواء التصوف والزهد والعرفان من خلال التعريف الذي أطلقته كريمة الصقلي عن الحب بأبعاده الصوفية والعرفانية. وغنت نماذج للمتصوف الشاعر المغربي أبو الحسن الشوشري، ولعائشة الباعونية، وللشيخ محيي الدين بن عربي، ولشيخ العارفين ابن الفارض.

ويأتي عملها الجديد (الحب الشريف) انعكاساً للروح التي عايشتها في السلام والطمأنينة، ومن ناحية أخرى كأن الأسطوانة أشبه بالإغاثة من سيل الأصوات العالية والإيقاعات التي تحاكي الجسد دون الدخول في أعماق الذات البشرية والروح، وأسطوانة (الحب الشريف) هي اللطف والأنوار والسلام الذي يُخرج المستمع من دائرة العنف والحروب.

وقد عبرت عن تواصلها مع الغناء الصوفي في القول :(إن الغناء عندي يخرج من كونه غناء، بل هو هوس ومشروع شخصي. أنا أغني منذ الصغر، وكأنني ولدت للغناء وأعيش بالغناء). أضافت في منعطفات الحوار أيضاً مجموعة من الأغنيات التي دخلت في الغناء الشعبي الصوفي (الحضرة المغربية الصوفية)، إضافة إلى بعض الترنيمات والمواويل التي تميز المغرب العربي وخصوصاً الغناء الصوفي قصيدة (أحسنت ياليل طولاً فزدني وزد وجدي)، ونشيد من الحضرة الصوفية (سلام عليكم أيها الأحباب). ولم تقف المغنية المغربية عند القصائد الصوفية الكلاسيكية فقد غنت لشعراء معاصرين مثل (أدونيس  أمل دنقل  لميعة عباسي)، واشتغلت مع العديد من  الملحنين العرب كمروان خوري.

وحكاية المغنية كريمة الصقلي مع أسمهان حكاية طويلة، فقد وصفها النقاد في كثير من المواقع على أنها (أسمهان العصر) لشدة شغفها بأغنيات أسمهان، وقدرة صوتها على أداء أعقد أغنياتها، وخصوصاً رائعة القصبجي (ياطيور)، وأغنيتها النادرة (هل تيم البان فؤاد الحمام).

ويعد الغناء الصوفي الفضاء الأوسع لقدرات صوتها ليخرجها من سطوة أسمهان وعذوبة صوتها، لكنها في أغلب الحفلات التي تقيمها في أغلب مسارح العالم العربي تنهي الحفلة بأغنية مشهورة لأسمهان.

يذكر أن كريمة الصقلي من مواليد المغرب العربي، تعلمت الغناء في سن مبكرة، وقد غنت (أغداً ألقاك) لأم كلثوم وهي في سن التاسعة، لكنها لم تظهر إلا في سنة 1999 في دار الأوبرا في القاهرة في مهرجان ومؤتمر الموسيقا العربية. اكتسبت شهرة في العالم العربي عبر أدائها لمجموعة من أغنيات أسمهان وسعاد محمد، وشاركت في العديد من المهرجانات العربية والعالمية: مهرجان موازين في المغرب العربي، ومهرجان الموسيقا العريقة بفاس، وهناك التقت بالمطرب التونسي لطفي بوشناق، وأثمر هذا اللقاء عملاً فنياً طربياً بعنوان (وصلة) من كلمات الشاعر الغنائي آدم فتحي، وسجل العمل في معهد العالم العربي في باريس.

العدد 1104 - 24/4/2024