الحالات القانونية لمنع السفر

إن منع السفر هو إجراء تحفُّظي احترازي يُفرض على المدّعى عليه أو المتهم الذي يُخشى تهرّبه من تنفيذ العقوبة أو الالتزامات المالية التي قد تنتج عن إدانته بالدعوى المنظورة بمواجهته، ويتم وفق ما يلي: ورد في المادة /9/ من قانون أصول المحاكمات المدنية السوري:

(تختص المحاكم السورية باتخاذ التدابير التحفظية والمؤقتة في سورية، ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية).

وما دام منع السفر تدبيراً تحفّظياً وقتياً لذا يغدو من اختصاص القضاء المستعجل، فهي قرارات مستعجلة بطبيعتها، وتخضع للاختصاص الولائي لمحاكم البداية المدنية بوصفها الناظرة في القضايا المستعجلة، ومادامت كذلك فهي تقبل الاستئناف فقط، وتصدر مبرمة غير قابلة للطعن بالنقض.

 ويجوز اللجوء إلى المنع من السفر في نطاق الحق الشخصي في الحالات التي يجوز فيها اللجوء إلى الحبس التنفيذي وبشروطه. وقد حددت المادة 460من قانون أصول المحاكمات المدنية الحالات التي يجوز فيها الحبس التنفيذي أو (الإكراه بالحبس) بسبب حق شخصي، وهي:

– تعويض الأضرار المتولدة عن جرم جزائي، النفقة، المهر، استرجاع البائنة في حالة فسخ عقد الزواج والتفريق المؤقت والدائم، تسليم الولد إلى الشخص الذي يعهد إليه بحفظه، وتأمين إراءة الصغير لوالديه.

مع ملاحظة الاستثناءات الواردة على من تجاوز الستين من عمره، وعلى من لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. يستثنى من هذا الاستثناء النفقة، فهي توجب على من تفرض عليه بغض النظر عن عمره، ويحق للقضاء صاحب الولاية على الدعوى أن يقرر منع السفر (المحاكم الشرعية)

أيضاً ورد النص على منع السفر في الفقرة الرابعة من المادة ،130 أصول المحاكمات الجزائية:

أما في القضايا المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 37  لعام 1966 وتعديلاته، المتضمن قانون العقوبات الاقتصادية، فيجب أن يقترن إخلاء سبيل المدعى عليه أو المتهم بمنع المغادرة. جاء هذا التوجيه ضرورياً لأن هذه الجرائم واقعة على اقتصاد الوطن.

وقد ورد أيضاً في المادة 199 من قانون الجمارك:

يحق للمدير العام أو مدير الدائرة أن يطلب من السلطة المختصة منع المخالفين والمسؤولين عن التهريب من مغادرة البلاد، في حالة عدم كفاية الأشياء المحجوزة لتغطية الرسوم والضرائب والغرامات.

كما ورد في نص المادة 13 من القانون 41 لعام ،2005 ضريبة البيوع العقارية.

مع الاحتفاظ بأحكام القانون رقم 25 لعام ،2003 يحق لوزير المالية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع مديني الخزينة العامة للدولة الممتنعين عن التسديد من مغادرة أراضي الجمهورية العربية السورية، على أن تحدد ضوابط منع المغادرة بقرار يصدر عنه.

لقد أعطى المشرع صلاحيات لبعض المديرين العامين أن يقرروا منع السفر، وذلك للضرورة القصوى، ولما تتطلبه المصلحة العامة في الحفاظ على الاستقرار والتوازن في المجتمع. فقرار منع السفر من القرارات الإدارية، ويبقى ما دامت أسبابه باقية.

ويمكن لرئيس فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش (على سبيل المثال) الإيعاز لمن يلزم بمنع سفر أحد الموظفين لضرورة المصلحة العامة.

وتجدر الإشارة إلى أن للمحاكم الروحية صلاحيات تقرير منع السفر بنص القانون.

وبرأيي: إن قرار منع السفر يوضع لضرورات ملحة تحددها الجهة التي تصدره، قضاء كانت أم جهة إدارية. ويجب أن يحق لكل جهة إدارية، أو الإيعاز لمن يلزم بتقرير منع سفر الأشخاص المشتبه بهم بفضائح مالية وغيرها من الجرائم الخطيرة على الوطن والمجتمع أياً كانت صفة هؤلاء الأشخاص، بغض النظر عن امتلاكهم أي حصانة كانت. لأن تحصين المجتمع ومقدراته وثرواته وحمايتها هي المسألة المقدسة والأهم والتي تحتاج إلى رقابة وتفان في العمل الدؤوب والمجدي.

ومن متفرقات قرار منع السفر وإلغاؤه:- منع الأم المطلقة من السفر بالمحضون.

و منع الحاضنة من السفر بالأولاد دون إذن إلا بحسب قانون أصول المحاكمات في سورية.

أما بالنسبة إلى المتهم الذي أخلي سبيله أو يحاكم غير موقوف، فلا يمنع من السفر إلا إذا طلبت الجهة المدعية ذلك، وكان لهذا المنع مسوغات جدية يقدرها قاضي الموضوع الناظر في الدعوى.

العدد 1105 - 01/5/2024