مسؤولية الدائن في جريمة الشيك بدون رصيد

نصت المادة 653 من قانون العقوبات السوري على:

 (1  من أقدم عن معرفة على حمل الغير على تسليمه شيكاً بدون مقابل قضي عليه بعقوبة الشريك في الجرم المذكور أعلاه. (أي جرم استصدار شيك بدون رصيد)

 2  تضاعف هذه العقوبات إذا استحصل المجرم على الشيك لتغطية قرض بالربا).

 لقد وضع المشرع السوري هذه المادة للاقتصاص من الدائن الذي يغرر بمدينه فيحمله على تسليمه شيكاً بدون مقابل كي يضعه تحت وطأة التهديد بملاحقته جزائياً بعقوبة المادة 652 من قانون العقوبات، وقد ضاعف عقوبة هذا الدائن إذا استحصل على الشيك لتغطية قرض الربا.

إن قصد المشرع من هذا النص هو اعتبار الدائن محرضاً مدينه على ارتكاب هذه الجريمة، والمحرض هو من حمل أو حاول أن يحمل شخصاً آخر بأية وسيلة كانت على ارتكاب جريمة معينة، وبشكل عام فإن تبعة المحرِّض مستقلة عن تبعة المحرَّض على ارتكاب الجريمة، فجريمة التحريض مستقلة تمام الاستقلال عن الجريمة المحرض على ارتكابها.

 تتجلى أركان جريمة التحريض بالنشاط الإيجابي والقصد الجرمي، ولا يشترط أن يلقى التحريض قبولاً لدى المحرَّض، لأن التحريض يشكل جريمة قائمة بذاتها، بصرف النظر عن قبول المحرَّض أو رفضه أو تنفيذه الجريمة أو عدم تنفيذها. وهذا بشكل عام، ولكن هنا وفي جريمة الشيك بدون رصيد فإن المشرع عند إفراده لنص المادة 653 كان يقصد إنشاء جريمة تحريض من نوع خاص، أي أن المحرِّض على ارتكاب جريمة إصدار شيك بدون رصيد هو من حمل شخصاً بأية وسيلة كانت على ارتكاب هذه الجريمة. وما دام لم يشرع في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، أي أن الجريمة إما أن تكون منجزة أو لا، ولا عقاب على الأعمال التحضيرية كون الجريمة لم تنجز بعد. وبالتالي فإن المشرع عندما عاقب المحرِّض على إصدار شيك بدون رصيد بموجب هذا النص بعقوبة الشريك في جريمة المادة ،652 جعل جريمة إصدار شيك بدون رصيد ركناً من أركان جريمة التحريض المذكورة. بمعنى أن المشرع في نص المادة 653 تطلب إنجاز الجريمة التي يتم التحريض عليها، بخلاف ما نص عليه المشرع في صريح المادتين 216و217 اللتين تعاقبان المحرض سواء تم تنفيذ الجريمة المحرَّض عليها أم لم يتم.

ومما سبق نجد أن أركان هذه الجريمة ثلاثة: النشاط الإيجابي. القصد الجرمي. إصدار شيك بدون رصيد. ويتجلى النشاط الإيجابي لجريمة التحريض بالفعل الذي يقوم به المحرِّض في وضع فكرة الجريمة لدى المحرَّض، وإقناعه باقترافها ودفعه إلى تنفيذها، بإثارة شعوره، وشحذ عزيمته، وتنمية التصميم لديه وذلك بوسيلة من الوسائل، كي يحمل الدائن المجرم مدينه على تسليمه شيكاً بدون مقابل. ويتم التحريض بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة، فيأخذ صورة التهديد أو الوعيد أو الخديعة أو صرف النفوذ. المهم أن يقع التحريض بنشاط إيجابي مهما كان نوعه. فالتحريض لا يقع بموقف سلبي، أي بمجرد الامتناع، لأن جوهره هو عرض الفكرة والدفاع عنها لإقناع من عرضت عليه بقبولها، وأن يتضمن هذا النشاط استعمال وسيلة من شأنها التأثير في المحرَّض ودفعه إلى القبول بالمشروع الإجرامي.

وبالتالي يمكن القول إن التحريض يجب أن يكون جدياً ومؤثراً، ومن شأنه أن يحقق غايته، فإذا كان مجرد حديث عادي أو عرض وجهة نظر أو اقتراح فلا يعد تحريضاً.

العدد 1107 - 22/5/2024