خطوة جدّية نحو الحل السياسي للأزمة

التغيير السلمي الديمقراطي حاجة السوريين

لغة العقل والحكمة تتقدم على لغة الرصاص

 

في مشهد سياسي هو الأول من نوعه، عقد يوم الأحد في 23/9/2012 أول مؤتمر للمعارضة الوطنية الداخلية، وفي دمشق بالذات، وبصورة علنية كاملة، مفتتحاً بذلك مرحلة جديدة من مراحل الصراع السياسي الدائر في البلاد، على القاعدة الأصح، قاعدة النضال السلمي من أجل التغيير الديمقراطي ونبذ العنف والقتل الذي اتسمت به المراحل السابقة من الصراع والذي شوّه وجه سورية الحضاري الأصيل.

لقد أثبت هذا المؤتمر أن سورية لابد عائدة إلى صورتها السابقة المسالمة ولو بعد حين، حتى ولو بقي الكثير من العقبات التي يمكن ويجب تذليلها. فقد تم اختراق الحاجز الذي كان يفصل بين لغة الحوار والعقل وبين لغة الدم والرصاص، وهذا الاختراق، مهما بدا ناقصاً وبحاجة ماسة إلى الاستكمال والسير به نحو النهاية، هو أمر كبير لا ينتقص من قيمته أنه سيواجه تحديات كبيرة لاحقاً، وعليه أن يحل مشكلات معقدة جداً، كما سيلاقي معارضة أو ربما معارضات متعددة الأشكال والمظاهر، أولها ممن امتهنوا منذ البداية لغة الرصاص والعنف، وثانيها ممن لا يهمهم أن يروا سورية القوية، والمعافاة، والموحدة، والسد المنيع في وجه المخططات الاستعمارية والصهيونية، وحاملة للواء العروبة المتحررة.

بالطبع لدينا العديد من الملاحظات حول ما صدر عن المؤتمر من وثائق، ربما كان لبعض المؤتمرين أنفسهم ملاحظات من نوع آخر، وهذا هو أمر طبيعي، وهذه هي الحياة، ولكنها بعيدة جداً عن مواقف أولئك الذين استلَّوا سيوفهم هجوماً على المؤتمر، ربما قبل أن يطَّلعوا على مجرياته وما صدر عنه، والظروف التي انعقد في ظلها، فالحكم السلبي صادر بحقه رغم كل شيء. والذي يستجدي التدخل الاستعماري الخارجي ضد شعبه ووطنه، والذي يسعى إلى تمزيق وحدة الجيش العربي السوري، وتمزيق وحدة النسيج السوري واستمرار إراقة دماء السوريين، لن يرضيه بالطبع أن يخطو السوريون الخطوات الأول نحو تغيير مسار الأحداث والانتقال إلى مسار آخر.

لقد دعا المؤتمر إلى وقف العنف فوراً من جميع الأطراف، مطالباً المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي بعقد مؤتمر دولي حول سورية للبحث في أفضل السبل السياسية للبدء بمرحلة انتقالية تكفل التغيير السلمي الديمقراطي، وشكّل المؤتمر لجنة تحضيرية لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر.

ومما لاشك فيه أن تناقضات عديدة ستظهر في معرض تطبيق هذه القرارات، وأن تسعى المجموعات المسلحة وبعض قوى معارضة، والمتسلِّلون إلى سورية من خارجها، إلى تعطيل كل أثر إيجابي لهذا المؤتمر، واستخدام كل الوسائل لتغيير موازين القوى، وإقامة مناطق عازلة مهما كلفت من دماء. لكن إرادة السوريين التوَّاقين إلى الحل السياسي السلمي ووقف إراقة الدماء، وبالدعم الخارجي الذي يقدمه أصدقاء سورية الكثر في العالم، سيتمكنون من تجاوز المحنة وتحقيق التغيير السلمي الديمقراطي.

العدد 1105 - 01/5/2024