ألمانيا بعد الحرب

عندما قرأت عن ألمانيا بعد الحرب تمعّنت كثيراً في ما وصلت إليه، وتساءلت: هل الحرب هي التي علمتها، أم أنها هي علّمت العالم كيف ينهض من جديد، لتصبح القوة الأكبر اقتصادياً في الدول الأوربية؟ إذ تحتل ألمانيا المرتبة الأولى في أوربا من حيث  عدد براءات الاختراع المسجلة. والى جانب اليابان والولايات المتحدة  تنتمي ألمانيا إلى أكثر بلدان  العالم ابتكاراً من خلال 11188 براءة اختراع فردية مسجلة. و يصل عدد سكان ألمانيا إلى 82 مليون إنسان، بينهم نحو 15 مليون من أصول  أجنبية. ويتميز المجتمع الألماني بتأثيره بهذه التعددية التي تتضمن مختلف أساليب  المعيشة المرتبطة بالتنوع العرقي والثقافي. ورغم التغيرات الاجتماعية فإن الأسرة تبقى العنصر الأساسي في الحياة الاجتماعية. وتتمتع غالبية الناس  بمستوى تعليمي  وتأهيلي جيد، ومستوى معيشي رفيع، بالمقارنة العالمية. إضافة إلى حرية في صياغة واختيار شكل الحياة الاجتماعية المناسب. .أما الثقافة فألمانيا هي بلاد غوته وتوماس مان وباخ وغانر وبيتهوفن، جذور الثقافة ضاربة في عمق البلاد، وتتمتع بتقاليد عريقة وقيمة رفيعة، إضافة إلى التنوع الكبير يوجد  في ألمانيا نحو 300 مسرح، و130 فرقة أوركسترا محترفة، إضافة إلى 630 متحفاً للفن. هناك بحسب اعتقادي عدد من العوامل والأسباب  لنهوض ألمانيا بعد الحرب، أهمها القوة الاجتماعية والثقافية  للفرد الألماني، أي القوة البشرية. ربما نتج هذا الأمر من كونهم حاربوا من قديم الأزل الهمج والقبائل  البربرية، وخرجوا أخيراً بعد الحربين العالميتين باقتصاد شبه منهار. لكنهم  لملموا جراحهم عبر الخطط الاقتصادية المتقنة والبراعة في التنفيذ، والقناعة بأن الحرب أسوأ قرار تتخذه الحكومات، وأن السلام هوا الخيار الحضاري للتقدم والانتصار..

فهل ستنهض بلادنا من جديد بعد الحرب التي تكاد تدمر كل ما فيها من شجر وبشر وأرض؟

 دائماً الأمل في الإنسان والحضارة التي نشأ منها، وهي حتماً ستقوده نحو الأفضل.

العدد 1107 - 22/5/2024