قصص تجاهلتها الدراما

برغم التنوع في طرائق طرح المشكلات التي تعانيها الأسر السورية في دراما ،2013 إلا أنها تجاهلت جزءاً كبيراً من المعاناة المعيشة في يوميات السوريين داخل سورية وخارجها، لتبدو القراءة للواقع السوري من مكان بعيد عن صلب الحياة اليومية للشباب والمراهقين والنساء والأطفال والمسنين والمرضى، ومدى التأثّر الشديد بكل ما يجري ليقلب حياة كل هؤلاء رأساً على عقب.

لم نجد في الدراما تلك التساؤلات والنقاشات الحقيقية والعميقة بين الأجيال، الآباء والأبناء وما كان يدور من اتهامات عن تخاذل الآباء وتهوّر الأبناء، والنقاشات بين الشباب -ات أنفسهم في المدرسة والجامعة والعمل، وتطوّرها لتصل إلى قطع العلاقات بين أصدقاء وأقرباء وأولاد حارة واحدة طالما جمعتهم أفراح وأحزان واحدة.

لم تصل الدراما إلى التغيير في نمط التفكير والتساؤلات التي وصلت إلى قلب الحقائق التي لم تكن يوماً في دائرة النقاش، لم تدخل الدراما إلى عمق الحياة الإنسانية والفكرية بين أبناء مجتمعنا الواحد، حتى إنها لم تستطع رصد الخوف والقلق وحالات الاكتئاب التي رافقت الأطفال والمسنين والمرضى وأدّت إلى حالات مرضية دائمة.

لم ترافق الدراما  تلك الأسر التي نزحت وتركت وراءها أحلامها وذكرياتها المرتبطة بالعائلة والبيت والحارة ومدى تأثرهم بالهدم الذي طال بيوتهم، أو سرقة أثاثهم وضياع شقاء العمر كلّه بلحظة جعلتهم يخسرون كل شيء، ليعيشوا في مخيمات للجوء أو مراكز للإيواء.

لذلك كانت الدراما بعيدة نوعاً ما عما يجري، كانت بعيدة بحيث رصدت ما تحدثت به وسائل الإعلام الإخبارية، فلم تكن صورة حقيقية للواقع المعيش بيومياته القاسية التي ستؤثّر على الأجيال القادمة، وأثرت تأثيراً كبيراً على كل إنسان يعيش في سورية أينما كان في أماكن حارّة أو أقل حرارة، ولم تستطع إيصال الألم الحقيقي الذي يعيشه السوري والتغيير الذي طال بنيته الفكرية والتي جعلته بكل الأحوال يفكّر أكثر في وطنه ومواطنيته وحقوقه وفي كل ما يحدث، وجعلته يعود كما كان منذ عقود بعيدة محللاً سياسياً متدخلاً في كل تفاصيل الحياة، بعدما عاش سنوات في هامشها مرتاحاً من إقحام نفسه في بنية التغيير.

العدد 1104 - 24/4/2024