هل سيعود الشباب يوماً ما؟!

يدرك السوريون جيداً حجم المعاناة التي يعيشها  أبناؤنا في سورية للوصول إلى فرع دراسي، كما يحلم ويتمنى كل منهم، ثم إيجاد فرصة عمل ضمن ظروف صعبة وبأجور مهما ارتفعت لن تدعمه في تملّك منزل دون دعم حكومي أو مصرفي، ما يعني أن الكثير لن يستطيع العيش كما يتمنى وبالطريقة التي تناسب الحياة العصرية المتطلبة دائماً، والتي تعني تكنولوجيا ورفاهية مع احترام الحق في المواطنة المتعلق بجميع تفاصيل الحياة.

وبعد ما حدث من تغييرات على الأرض السورية قرر الكثير من الشباب الهجرة إلى بلد يسمح لهم بذلك، وتجمّع الشباب على أبواب السفارات بانتظار فرصة القبول بأي صفة كانت: لاجئ إنساني – سياسي-مهاجر أو عن طريق الزواج أو عقود العمل. المهم هو الوصول إلى برّ الأمان في دولة أخرى، وأكثر الدول التي بحث عنها الشباب هي الدول التي تعطي معاشاً مسانداً لورقة الإقامة وبيتاً، أي تؤمن له سبل العيش الكريم بلا جهد ووقت يقارن مع ما يحدث له في سورية، إضافة إلى حقوق كاملة لم يحلموا بالعيش في ظلّها.

وهكذا بدأ الكثير من الشباب حياتهم خارج سورية للبحث عن فرصة في العيش في تلك البلدان الأوربية والأمريكية الحلم، منهم من سافر بطريقة نظامية، ومنهم من سافر بطريقة غير مشروعة. بدؤوا حياتهم الجديدة بمزيد من الألم والحزن للحال التي وصلت إليها بلادهم الأم، مع الشوق لترابها وحاراتها وذكريات طفولتهم فيها، ذلك الشوق الذي بدأ تدريجياً يفتر، فالعمل أو الدراسة أو طريقة الحياة الجديدة أخذتهم حقاً من فكرة العودة إلى الحياة التي كانوا يعيشونها. وبدؤوا يقارنون: فالوطن هو مواطنة وليس تراباً فقط، في الوطن الجديد لا مكان للواسطات والرشا، لا مكان للطائفية ولا العقد الاجتماعية، بل فيه احترام للقوانين ولحقوق الطفل والمعوق والمسن والمرأة، وفرص لا حصر لها لجيل الشباب، ومكان واسع للحريات وتحقيق الأحلام وتنمية المواهب. ربما تعود بلادنا إلى وضعها الهادئ المستقر، لكن أبناءها لن يعودوا إليها أبداً إن لم تنهض نهضةً جذرية، يشارك فيها جميع أبنائها، وخاصة جيل الشباب، وتضع نصب عينيها فصل السلطات وسمو القانون فوق الجميع.

العدد 1105 - 01/5/2024