يوم المسرح العالمي في المركز الثقافي العربي بالسويداء..

(المسرح… أسطورة الانبعاث كلما زاد وهج النار واشتدَّ سعيرها، بعثَهُ الرمادُ أملاً لنبقى، فتسقط المستحيلات أمام قدرتهِ على الخلق،  ويسقط العدم في قوة وجوده، ليبقى شاخصاً نحو الشمس لا يقبل دون الضياء مصيراً).

على خشبة المسرح، يمكن  للمرءِ أن يكونَ واحداً من سكان المدينة الفاضلة، فيعيشُ بكاملِ حريته وفكرهِ  وبكلِّ عدلٍ وإنسانية. ويمكن أيضاً أن يُجسِدَ واقعاً معيشاً في الزمن الحاضر بآلامهِ وآمالهِ ومجرياته. وكذلك يمكن  أن يعودَ إلى الخلف البعيد المنتهي  ويركب الجمال والنوق والحمير مثلاً، متنقلاً عبر الكثبان وبحر الرمال بينَ القبائل والواحات والعشائر..  وفي المسرح أيضاً وعلى هذه الخشبة المحدودة المساحة بالأمتار القليلة يمكنُ أن يُسقِطَ حاكماً دكتاتورياً ويضع حاكماً عادلاً بدلاً منهُ.  والمسرح بشكلٍ عام يدل على أهمية فنٍّ  ليس له مثيل، فهو الموحي الذي يستطيع إعادة خلق الحياة  ضمن غائية محدودة من جديد، لنعيد به إنتاج أفكارنا وقناعاتنا، وبالتالي ذواتنا، وشخصياتنا عبر هذا الوجود.

السابع والعشرون من آذار هو يوم المسرح العالمي، بهذه المناسبة وفي هذا اليوم يحتفل المسرحيون، فنيين وممثلين وجمهوراً على  صعيد الوطن العربي والعالم، مستذكرين عبر السنين أبطال المسرح وما قدموه من عروضٍ مختلفة ومنوعة ومبدعة ومؤثرة. على خشبة المسرح التي ما زالت مستمرة لتقدّم كل ما يمكن أن يعبّر عن صدق المشاعر الإنسانية الهادفة بمجملها نحو الانتقال إلى الأسمى والأفضل. وبهذه المناسبة وبهذا اليوم  أقامت وزارة الثقافة، مديرية المسارح والموسيقا، المسرح القومي، احتفالية يوم المسرح العالمي، على خشبة مسرح المركز الثقافي العربي في السويداء،  بحضور  السيد المحافظ ، والسادة أعضاء المكتب التنفيذي، والمنظمات الشعبية والنقابية و المهنية، وبعض رؤساء الدوائر الحكومية، وحشد غفير من الجماهير تجاوز أبواب المسرح.

 في التقديم كانت الصحفية والإعلامية ليال صابر فلحوط،  ثم بدأ  الافتتاح بكلمة للسيد  مدير دائرة الثقافة الدكتور ثائر زين الدين، رحّبَ فيها بالسادة الحضور. وكلمة للفنان وجيه قيسية مدير المسرح القومي، متحدثاً عن المسرح  بأنهُ أكثر أنواع الفن تنوعاً وثراءً وخصوبة. وهو بطبيعته فنّ جمعي، متمنياً أن تجتمع آمالنا وطموحاتنا يحدوها الجهد والعمل والمثابرة، علها تحقق ولو النزر اليسير من المرجو منها والمأمول فيها. إذ بتنا في زمنٍ اشتدَّ وحَلُكَ ليلهُ. أما كلمة المسرح العالمي، وكانت لهذا العام للمسرحي العالمي الكبير الإيطالي (داريو فو)، فقد ألقاها الأستاذ زياد كرباج متكلماً عن المسرح وأهميته على جميع الأصعدة، وبالخصوص على الصعيد الفني، ومستذكراً أهم المسرحيين العالميين  الذين كان لهم الدور الأبرز في تطوير وبناء العمل المسرحي، وختم بقراءة كلمة المسرح التي تُرجمت من اللغة الإيطالية إلى العربية. وقد أكدت أهمية العمل المسرحي وضرورة متابعة المشوار في ظل مسرح يتسع لكل عمل فني يحمل بين طياته كل القيم الإنسانية العظيمة.

 ثمَّ قام السيد المحافظ بتكريم بعض الأساتذة والفنانين، من بينهم الممثلة المسرحية اعتدال شقير، التي شاركت في بعض الأعمال التلفزيونية، وكانت من مؤسسي فرقة الينابيع المسرحية، وفرقة نقابة الفنانين، وفرقة مديرية الثقافة. والفنان بنيامين حميدان وهو مخرج وممثل مسرحي حائز على العديد من الجوائز المحلية والعربية. والفنان يوسف خليل ثابت وهو ممثل مسرحي بدأ العمل في نادي الفنون الجميلة والمسرح الجامعي والمسرح العمالي ونقابة الفنانين ومديرية الثقافة والمسرح القومي.

ثم قُدم عرض مسرحي بعنوان (أرض الحرية) تأليف عهد مراد إخراج رفعت الهادي،  قامت بأدائه أجيال متعاقبة من الفنانين، منهم من كان في مقتبل العمر  كالطفل عمران الخطيب، وهمام أبو عساف، وسلام ملاك، إلى جانب جيل أكبر بقليل منهم ليال الهادي، وهيا عامر وفارس العقباني وحاتم كيوان. ومجموعة من أعضاء نقابة الفنانين: مجد العيسمي، يزن جابر، فراس حاتم، حنين البعيني، عتاب نعيم، والممثل مروان أبو شاهين. كما كان هناك مشاركة للفنان مشهور خيزران.

 وفي مقابلة مع المخرج الأستاذ رفعت الهادي  تحدّث عن المهرجان عموماً وعن العمل المسرحي (أرض الحرية)  قائلاً:  إن  العرض  يتضمّن  صورة  عن الوضع الحالي القائم في سورية الوطن الغالي ضمن هذه الظروف الصعبة، حاملاً معنى الحرية والسلام والإنسانية والحب، وعارضاً  المعاني بشكل فني لطيف على لسان الأطفال والشباب والعشاق والأبناء والآباء، الذين أقاموا حواريةً مع الجندي المجهول مؤكدين فيها أنهم مفطورون على الحب والإخاء والتسامح. (إن لم نتسامح مع بعضنا فيا خسارة الدماء)، هذه إحدى جمل العرض التي حملها من كان يعبّر عن الجندي المجهول. ومن جماليات العرض أيضاً الأغاني التي قدّمت من ألحان وغناء الفنان فضل سليمان، ومشاركة الفنانة غدير زريفة، والفرقة الموسيقية (مهند نصر).

استمر الاحتفال مدة ساعة تقريباً وكان في لجنة الإشراف الفنان وجيه قيسية، معن دويعر، رفعت الهادي، وفي المتابعة الإنتاجية نورس الملحم. نال العرض المسرحي  إعجاب الحضور عموماً. وبهذه الأغاني اختتم الحفل.

 

العدد 1107 - 22/5/2024