في زمن الفراشات

في الخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 1960 في عهد الدكتاتور رافاييل تروخيلو، قتلت الأخوات ميرابال من قبل مجهولين وبتوجيه حكومي وهنّ ثلاثة شقيقات دومنيكيات ليصبحن لاحقاً معلماً من معالم الحرية في الدومنيكان والعالم.

وتحكي الحكاية أن كان والدهن رجل أعمال ناجحاً وكن يعيشن حياة الطبقة الميسورة المستقرة مع شقيقتهن الرابعة  وكانوا معارضين سياسيين لنظام الدكتاتور تروخيلو.. الذي ظل على هرم السلطة في بلاده حتى عام ،1961 فارضاً سيطرة مطلقة على البلاد، بتحالفه السري مع الكنيسة والأرستقراطيين والصحافة.. مع إدارته لسلطة عسكرية بوليسية وإعدامه الآلاف من معارضيه.

وفي إحدى المناسبات العامة التي كانت فيها (مينيريفا) إحدى الشقيقات وكانت تسعى لأن تصبح محامية.. وحضر بهذه المناسبة  الدكتاتور تروخيلو.. حاول الدكتاتور التحرش الجنسي بمينيريفا إلا أنها واجهته بشكل رافض مهين (وقيل إنها صفعته) وغادرت المناسبة مع عائلتها، وشكلت لاحقاً حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام تروخيلو، وعرفت باسم حركة الرابع عشر من يونيو، وضمن هذه المجموعة، كانت الشقيقات ميرابال يلقبن بالفراشات لجهودهن وحيوية الشباب التي يعشنها.. إلا أن الدكتاتور سرعان ما أمر باعتقالهن وذويهن وجرى سجنهم والتنكيل بهم.. ولاحقاً وبعد الإفراج عنهن قتل مجهولون الشقيقات الثلاث بطريقة وحشية وكشف لاحقاً بأن الدكتاتور كان وراء الاغتيال.. اغتيال الأخوات ميرابال كان الضربة القاضية على نظام تروخيلو، الذي اغتيل بعد ستة أشهر من حادثة اغتياله للشقيقات.

بعد انهيار نظام الدكتاتور تروخيلو باغتياله.. كرمت ذكرى الأخوات ميرابال، وقامت أختهن المتبقية على قيد الحياة لاحقاُ بتحويل المنزل الذي ولدن فيه إلى متحف للراحلات يضم مقتنياتهن.. ويجمع العديد من الكتب والأفلام الوثائقية والسينمائية التي خلدت ذكرى الأخوات ميرابال.

و في 17 كانون الأول ،1999 أعلنت الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة تعيين 25 تشرين الثاني /نوفمبر (ذكرى اغتيال الأخوات ميرابال) موعدا سنوياً لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة تقديراً لأخوات ميرابال، هذا اليوم يصادف أيضا بداية من 16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة، تنتهي يوم 10 كانون الأول المصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتوصي المنظمة الدولية جميع المنظمات الرسمية وغير الحكومية ووسائل الإعلام حول العالم بالترويج لثقافة القضاء على العنف تجاه المرأة والذي يعتبر من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقاً في العالم. فهو يتخطى الحدود والعرق والثروة والثقافة والجغرافيا. ويحدث في كل مكان في المنزل أو في العمل، في الشوارع أو في المدارس، في أوقات السلم أو الصراع. ولكن هذا ليس أمراً حتمياً. إذ يمكن مواجهة العنف ضد النساء والفتيات والحد منه بشكل منهجي، ومع مزيد من الإصرار يمكن القضاء عليه.

ستظهر دوماً نساء يتحدّين الواقع بأسماء متعددة فهي تارة نوال وتارة  ياسمين وتارة أخرى رنا وقمر..

العدد 1107 - 22/5/2024