الحب في زمن «الثورة»

هتافات وشعارات متنوعة مختلفة، مؤيدة معارضة، كانت مجرد حروف وكلام، ولكنها شكلت لكثيرين خطاً أحمر وخلافاً وتهديداً، واقتصر النقاش بين الناس حول أي لون يمثلك من الأعلام! (أخضر أو أحمر) وعليك الجواب، بصوت جهوري وبكل تأكيد.. وبعد ذلك يتحول النقاش إلى: (أنت شبيح)! (لك أنت مندس)! وتبدأ المراجل، وكل صاحب رأي يشتد برأيه وكأنه (عكيد).. بدأت (فترة) مسيرات الإصلاح ومظاهرات وحشود الاعتصام، وكل علم رفرف حسب نوع الهتافات والترديد..

نزلت إحدى المسيرات حاملة العلم الأحمر وأنا أغني: (بدي غازل سورية) و(بحبك يا شام..)، ولم يكن يدور بمخيلتي سوى (خلصت وفشلت، هاد شي طبيعي وأكيد..)

مرت أيام وتعرفت عليك، وأتذكر بريق عينيك اللتين عكستا طموحك والأحلام.. أتذكر ضحكتك التي كانت أجمل ضحكة استرعت انتباهي من بعيد.. جذبتني فقط.. ولن أتصرف كالآخرين وأقول (ييي كان حب وعشق وهيام..)، بل سأقول كانت حالة فريدة من نوعها، تأتي مرة واحدة مثل العيد.. تناقشنا.. تفاهمنا.. ضحكنا.. ويوماً بعد يوم زاد الود والاحترام..  ريثما أتى اليوم الذي عرفت فيه: (أنك ضد وعرفت أني مع..) تباعدنا وفلتت الإيد..  وكأن نوبة الثورة أصابتنا ب(فيروس) يشبه الانفصام.. فرحت أفكر: (كيف سأكون مع شخص أغاني الثورة عنده كانت نشيد..؟ كيف سأكون مع شخص بيطلع مظاهرات وبيتفرج عأكذب إعلام..؟ وبنظرو أنو رأيو أصح من الصحيح وموقفو هوي السديد.. وهوي كيف بدو يكون مع وحدة برأيو مع جماعة: «الطغيان والظلام».. كيف بدو يكون مع واحدة من جماعة: »اضرب بيد من حديد«. (منشان هيك كان الحل المثالي هوّي نبعد عن بعض، قبل ما يتعشّش البغض بقلوبنا ويعمل اقتحام.. وقبل ما اختلاف الرأي يتفاقم ويشعل ويزيد.. هاد كان حالنا وحال الشعب السوري كلّو يلّي تفرق بقلوب امتزجت بين حقد وترقب واستسلام.. بس تأخرنا لنفهم أنو لي صار مخطّطلو ليفرّق بين الناس والأمل يلّي فينا يبيد.. بجوز رفقاتي بعد اعترافي بها لحب رسموا إشارات الاستفهام.. بس رح قلكن إنو هي صحيح مو قصتي، بس هي قصة كل سوري عم يقضي حياتو بالتنهيد.. هي قصة حرب قتلت حب وتركتنا بين الجرح أو الخصام.. تركتنا لحتى نقتل بعض حتى يبقى كل شخص فينا وحيد.. راح بيتك و تهجر رفيقي واستشهدت عيلتك وزاد الحزن والآلام.. فسواء طلعت مسيرة أو مظاهرة، فهّمني بس، مين كان المستفيد؟! الشعارات فانية والخلافات فانية بس الوطن متأصل بالعظام.. فإن جرحوا وطني بحس عم يدبحوني من الوريد للوريد.. خلينا نحب وطننا عن حق لأن مين رح يحبنا متل الشام.. الله يحميكي يا شااام يا أم الكل بجاه الله رب العباد.. والله محيي الحب لأنو بزمن الحرب هوّي ثورة!).

العدد 1105 - 01/5/2024