أحلامهم تتنفسُ العقبات.. فيغتربون

في كلِ لحظةٍ يبدأ بها يومنا، تبدأ هواجس بتعذيب تلك الأفكار التي باتت تشكل الجزء الأكبر من تفكيرنا: كيفيّة بناء حياتنا..

فطاقات شبابيّة هائلة تتعثر بصعوبة الحياة وقسوتها، خصوصاً فيما يتعلق بإيجاد عملٍ أو منزل مستقل أو تحديد موعد زواج يقف في وجهه آلاف العقبات، كغلاء الأسعار خصوصاً الذهب والتكاليف الباهظة للإيجارات..

في كل صباح نستيقظ مع آلاف الآراء والتشرذمات التي تتشبث بأملنا في حل نتلهف له، ينقذ وطننا بل وينقذ أحلامنا وذكرياتنا، تتشبث بهم كمرض عضال يرفض أن يتركنا وشأننا.. وعندما نفكرُ بجماليّة النهايات وتنفس الصعداء بعد كل هذه المعاناة، نعود مجدداً إلى البدايات والنقطة الأولى.. هي تدور دون أن تجد طريقها الأخير والزمن لا يدور.. هي تدور وتخلّفُ وراءها الأحلام المحطمة كأشرعة سفن حُطّمت، فتوقف كل شيء..!

هل من المنطقي حقاً أن تتكدس كل فرص العمل المتاحة في منطقة كدمشق، باعتبارها الأكثر أمناً والأكثر توفيراً للمعطيات؟ ومن ورائها تتكدسُ كل تلك الخيبات أمام تلبية طموح الآلاف وهو لا يتسع سوى للقليل؟

إنهم إن عملوا  _ أي الشباب _ باتوا لا يعملون من أجل شراء سيارة، أو تحديث هواتفهم الجوّالة أو تجميل منازلهم.. أو أن يقيموا حفلات زفافهم في صالات تلبي حلم يومهم الوحيد..

إنهم يعملون من أجل أن يؤمنوا لقمة عيشهم التي باتت أصعب يوماً بعد يوم في التقلب المزاجيّ الهائل للسوق وأسعاره.. من أجل ألا يأتوا طالبين من أهاليهم إطعامهم، أهاليهم الذين لا يعلمون من أين يمكن لهم أن يزيدوا مواردهم المالية لتكفيهم  أمام متطلبات الحياة المتزايدة..

وعند عودة الشاب اليائس إلى منزله، يشعل التلفاز أو يفتح  (الإنترنت) ويشاهد كيف يعيش أصدقاؤه في الخارج، كيف يعيش العالم على إيقاعات التطور والحياة وسبل الترفيه،  وهو لا يزال يحصر تفكيره بكيفية تأمين يوميّ لربطة الخبز.. فيفكر جديّاً في توضيب حقيبته والمغادرة..

العدد 1107 - 22/5/2024