الذكرى السبعون لكسر حصار لينينغراد

تسخّر الطبقات الحاكمة الإمبريالية مصادرها الوافرة لجعل الإنسانية تنسى الإسهام الضخم للاتحاد السوفييتي في التغلب على الإمبريالية الألمانية بقيادة النازية في الحرب العالمية الثانية. لقد قدم سكان لينينغراد تضحيات تاريخية في ذلك المجهود الذي يتعين على كل أنصار الاشتراكية إحياء ذكراه.

وقد احتفلت لينينغراد وروسيا كلها يوم الأحد 26 كانون الثاني بالذكرى السنوية لفك الحصار عن المدينة، بإعادة تمثيل الملحمة.

انقضى في 27 كانون الثاني سبعون عاماً على اختراق الجيش الأحمر السوفييتي طوق القوات الإمبريالية الألمانية الذي أحاط بلينينغراد- التي تسمى الآن سان بطرسبورغ، لمدة 600 يوم. ومات خلال الحصار مليونان ونصف مليون شخص من المحاصرين بسبب المرض والجوع وأعمال العدو.. وجاء تحرير المدينة بعد أقل من سنة على وقف القوات السوفييتية لتقدم ألمانيا النازية في ستالينغراد وإجبارها على التراجع الذي انتهى باستسلامها في برلين. كان هذا أطول حصار تحملته مدينة حديثة، وكان هذا وقت التجربة والمعاناة والبطولة التي وصلت إلى ذرا المأساة والشجاعة.

كانت بتروغراد (سان بطرسبورغ) طوال قرنين عاصمة الإمبراطورية القيصرية الروسية وموقع قصر القيصر الشتوي، ومركز الأميريالية والسدود على نهر نيفا، وكاتدرائية القديس إسحاق، والفارس البرونزي والحدائق الصيفية. كانت مركز التطور الصناعي في مطلع القرن العشرين، وتالياً التمركز الأكبر للطبقة العاملة، ما جعلها المركز المنطقي لكل من ثورة شباط – آذار 1917 التي أطاحت بالملكية القيصرية وثورة تشرين الأول- تشرين الثاني 1917 التي سلمت سلطة الدولة للطبقة العاملة للمرة الأولى في التاريخ.

أمر الديكتاتور الألماني أدولف هتلر الجيش الألماني بغزو الاتحاد السوفييتي في 22 حزيران ،1941 وتقدم نحو 15 ألفاً من سكان لينينغراد لقتاله ضمن ألوية (المتطوعين)، وابتداء من 10 تموز وبعد تدريب ليومين أو ثلاثة اندفعت ثلاث فرق إلى الجبهة.

كان الوضع مروعاً، وكان فوروشيلوف، القائد العام لجيوش الشمال، وجدانوف رئيس منظمة الحزب في لينينغراد في وضع يائس حقاً. صدر (نداء إلى العمل والشجاعة) إلى كل وحدات الجيش الأحمر في المنطقة، جاء في مقدمته: (الرفاق رجال الجيش الأحمر، الضباط والعمال السياسيين، تهديد مباشر بغزو العدو يحوم الآن فوق لينينغراد، مهد الثورة البروليتارية).

وفي منتصف تموز قررت منظمة الحزب في لينينغراد تعبئة مئات آلاف الرجال والنساء لبناء تحصينات، وتم بناء حلقات دفاعية حول المدينة في العمق.. وفي آب انخرط نحو مليون شخص في بناء حصون، عمل أشخاص من مختلف المهن والحرف جنباً إلى جنب، عمال وموظفون وأطفال مدارس وربات بيوت وعلماء ومعلمون وفنانون وممثلون. بمعاولهم ومجارفهم من الصباح إلى المساء، وفي الكثير من الأحيان تحت نيران العدو.

أثبتت هذه الدفاعات، إلى جانب شجاعة السكان والجيش الأحمر وتصميمهم، أنها أساسية وكافية لمنع الغزاة الألمان من دخول المدينة مدة 900 يوم، بالصمود وصد محاولة النازيين الاستيلاء على موسكو ولينينغراد وستالينغراد، أنقذت الطبقة العاملة متعددة القوميات في الاتحاد السوفييتي الإنسانية من حكم نازي طويل.

العدد 1105 - 01/5/2024