سورية.. متحف في الهواء الطلق يتعرض للانتهاك!

(سورية التي تعتبر متحفاً في الهواء الطلق، ذلك أنها تحوي نحو 7000 موقع أثري ترجع إلى الحقب الرومانية والصليبية والعربية والعثمانية، إضافة إلى المكتشفات العالمية والفريدة، التي كان من المتوقع تسجيل بعض آثارها في عجائب الدنيا السبع،تتعرض اليوم إلى الانتهاك والسرقة المنتظمة والعشوائية..

فمن المعروف أن للمتاحف السورية خصوصية، عدا غزارة المكتشفات الأثرية، فهي لا تعتمد على ضخامة الآثار، بل على أنها تتجلى أهميتها على المستوى العالمي، كأبجدية أوغاريت مثلاً، فرغم صغر حجمها (5سم)، إلا أنها تعدُّ مكتشفاً أثرياً عالمياً فريداً من نوعه.

المحافظات السورية كلها زاخرة بالمتاحف والآثار، ففي محافظة حماة أربعة متاحف، من بينها متحف أفاميا الذي يضمُّ أروع لوحات الفسيفساء في العالم التي اكتشفت في مدينة أفاميا الأثرية، ومتحف التقاليد الشعبية الواقع في قصر العظم داخل مدينة حماة، ومتحف فسيفساء طيبة الإمام.

وان متحف حلب الذي يقع قرب الساحة ومن شارع بارون وسط المدينة، يعتبر من أهم المتاحف في العالم، لغناه باللقى الأثرية التي تضمها أجنحته لفترة ما قبل الميلاد.

أما في دير الزور فيعد متحف دير الزور الوطني أحد أكبر المتاحف على مستوى القطر. ولعلَّ أهم مميزاته أنه يعدُّ متحفاً لمنطقة الفرات والجزيرة في آن واحد.

والمتحف الوطني بدمشق يضمّ عدة أقسام تعكس الحقبة الأثرية التي ينتمي إليها كل مكتشف أثري، كمتحف آثار ما قبل التاريخ، ومتحف الآثار السورية القديمة، ومتحف الآثار الكلاسيكية، ومتحف الآثار العربية الإسلامية، ومتحف الفن الحديث، وحديقة المتحف التي تضمّ آثاراً متنوعة.وغير ذلك من متاحف ومواقع أثرية في أرجاء سورية كافة.

و ما يتمّ عرضه في المتاحف هو 5-10 % مما هو مخزن في المستودعات (!!) وإن أكثر عشرة مواقع سياحية جاذبة للسياح في سورية هي متحف دمشق، قصر العظم، معلولا، تدمر، قلعة الحصن، قلعة حلب، أسواق حلب، قلعة صلاح الدين، الرصافة، عمريت.

هذه الأماكن الأثرية كلها تتعرض اليوم للسرقة المتعمدة والمدروسة، بغية البحث عن مصادر للمال والمساهمة في تغييب الحضارات التي عبرت في سورية، وبما أن المعرفة أهم الأدوات للقضاء على تلك الظواهر، ومنها التأكيد على خطورة هذه السرقة بعيداً عن المادة، بأنها تنتهك هوية كل سوري وتاريخه وأصوله ومستقبله، لذلك سنعمل على التعريف بآثارنا وتعزيز ارتباط جيل الشباب بها، ومدى أهميتها، ومحاولة البحث في الإهمال المتعمّد الذي يساهم في استمرار  تلك السرقات على عينك يا تاجر، علّنا نساهم في رفع يد الاستنكار والرفض لانتهاك تاريخنا وإنسانيتنا..

العدد 1105 - 01/5/2024