بعد الخروج من نفق الأزمة السورية من يعيد الإعمار… وكيف؟

قد يبدو الحديث عن ملامح الاقتصاد بعد انتهاء الأزمة المركبة التي تعصف بسورية أشبه بالتكهن المحفوف بالمخاطر، فالأمر لايتعلق هنا بالطريقة التي ستتبع لتفكيك هذه الأزمة فحسب، بل بطبيعة القوى السياسية الصاعدة بعد انتهائها، ومدى مطابقة مشروعها لسورية المستقبل مع طموحات الفئات الاجتماعية المختلفة، وبتحالفات هذه القوى على الصعيدين العربي والدولي. لكن نظرة متأنية إلى العوامل المسببة للأزمة، والتي تحتل فيها السياسات الاقتصادية، وتداعياتها على الأوضاع الاجتماعية للجماهير الشعبية في العقد الماضي موقعاً بارزاً، وكذلك ارتفاع حجم الخسائر التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة منذ بداية الأزمة، تدفعنا إلى التنبيه من الوقوع في أحد الخطأين التاليين:

1 – اختزال الأزمة السورية بمشهدها السياسي، والتغطية على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى ترك جوهر النهج الاقتصادي في المرحلة القادمة رهينة لتسويات سياسية ذات محتوى ليبرالي، بدأ يلمح إليها البعض في الداخل والخارج، رغم الأضرار البالغة التي سببتها السياسات الاقتصادية في العقد الماضي، والتي شملت القطاعات الإنتاجية المختلفة في القطاعين العام والخاص، وانعكاس تأثيرها السلبي على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لفئات الشعب السوري المختلفة، وخاصة العمال والفلاحين الصغار والأجراء الزراعيين، وجميع الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، هؤلاء الذين يشكلون أكثرية الشعب الساحقة.

2 – تبنِّي سياسات اقتصادية انفتاحية.. ريعية.. نخبوية بالاستناد إلى آليات السوق الحر، ومنسجمة مع النماذج التي روَّجت لها المؤسسات الدولية، وخاصة برامج التثبيت الهيكلي والتكييف الاقتصادي، أو ما اصطلح على تسميته (توافق واشنطن) بهدف (تسهيل إعادة الإعمار.. واختصار الزمن). ويجري التسويق لها أيضاً في الداخل والخارج، لضمان الحصول على المنح والقروض والمساعدات الأخرى من الدول الرأسمالية والخليجية، والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، رغم مسؤولية هؤلاء-لا بالنصائح.. والوصايا فقط- في تبني مهندسي الاقتصاد السوري في العقد الماضي لتوجه نيوليبرالي جوهره: إطلاق آليات السوق الحر. كان هذا التوجه إضافة إلى الأسباب السياسية سبباً رئيساً لتراكم غضب الجماهير الشعبية السورية، والذي تحول فيما بعد إلى أزمة حادة تداخلت فيها العوامل الداخلية مع التدخلات الخارجية السافرة، بهدف تطويع السياسة الوطنية السورية، المعادية للاستعمار والإمبريالية الأمريكية والصهيونية، وإلحاق سورية بقائمة الدول ذات الأنظمة(المسبقة الصنع) حسب المواصفات التي استقرت عليها تفاهمات القطب الأمريكي وأتباعه الخليجيين والعثمانيين الجدد في منطقة الشرق الأوسط، لضمان استمرار هيمنتها على ثروات المنطقة، بعد إدخال إسرائيل إلى نسيجها العربي (كعامل) استقرار. (1)

لقد قُدر لجماهيرنا الشعبية، ولاقتصادنا الوطني مواجهة الأزمة المركبة التي مازالت تعصف ببلادنا، وكذلك حزمة الضغوط والعقوبات الاقتصادية والحصار الجائر، بهيكلية اقتصادية ريعية هشة، اشتغل على تكريسها منذ بداية الألفية الجديدة مهندسو التحول الاقتصادي.. أصحاب الرؤية النيوليبرالية في طواقم الحكومات المتعاقبة، الذين أفتَوْا-مستغلين عدم ممانعة القيادات السياسية والحزبية- بسياسات اقتصادية (سحرية) اختصروا فيها هموم الاقتصاد السوري ومشكلاته المتراكمة.بشرعنة السوق الحرة من جميع القيود الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.بعد إبعاد الحكومة عن التدخل في الحياة الاقتصادية، وسيادة آليات السوق، وتحرير التجارتين الخارجية والداخلية، وتهميش قطاعات الإنتاج الوطني الرئيسية كالصناعة والزراعة، وتحفيز المشاريع الريعية.

لذلك نرى أن مستقبل سورية السياسي والاقتصادي والاجتماعي مرهون بكيفية مواجهة السوريين للاستحقاقات التالية:

 

1 – الخروج من نفق الأزمة

أظهرت ردود أفعال السوريين على المبادرة الرئاسية لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية، أنهم لم يفقدوا يوماً إيمانهم بانتصار الحوار على العنف.. والتوافق على العداء. لذلك كانت استجابة فئاتهم المختلفة إيجابية لمبدأ الحوار والتوافق والتغيير السلمي لأوضاعهم السياسية والاجتماعية. وهذه الاستجابة، وهذه الحماسة للتغيير فعلتا فعلهما، لا في أوساط الجماهير الشعبية فقط، بل في أوساط بعض من توهموا أن باستطاعتهم احتواء الاحتقان.. واستمرار تجاهلهم للمطالب المشروعة لهذه الجماهير. وهكذا بدأت مرحلة سقوط الأوهام.. واستبشر المواطنون مع المبادرة الرئاسية بمرحلة انتقالية تمهد لسورية الديمقراطية الجديدة. خاصة أن الميثاق الوطني الذي سيتوافق عليه المشاركون بالحوار الوطني العتيد، يتضمن تحديداً واضحاً للنظام الدستوري.. وأفق التغيير السياسي الديمقراطي، وملامح النهج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.ولعل اعتماد هذه المبادرة حلاً آمناً للخروج من النفق الأسود كان تتويجاً لمطالب الجماهير الشعبية، وتوجهاً واضحاً نحو حل الأزمة بالطرق السلمية. إذ تولدت القناعة لدى القاصي والداني باستحالة الحسم العسكري دون إفناء البشر.. والشجر.. والحجر.

 لذلك نعتقد أن الحوار الوطني الشامل..غير المشروط بين جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية، بمشاركة المعارضة الوطنية في الداخل والخارج، وتحقيق التوافق بين الجميع على مستقبل البلاد، هو المدخل الآمن الوحيد إلى وقف نزيف الدماء، ويلبي مطامح السوريين السياسية والديمقراطية والاجتماعية، والذي سيؤسس لسورية التعددية العلمانية.

 

2 – من يعيد الإعمار؟!

يراهن الكثيرون- ومنهم بعض مهندسي الاقتصاد السوري السابقين- على أن قطع الصلة بكل ما له علاقة بالتوجه الاقتصادي (الاشتراكي المخطط)، والتدخل الحكومي في العملية الاقتصادية، واتباع اقتصاد السوق الحر من جميع القيود، هو السبيل الوحيد لتأمين احتياجات إعادة الإعمار وترميم ما خربته تداعيات الأزمة السورية، وما تسببت به من أضرار شملت قطاعات الإنتاج الرئيسية في القطاعين العام والخاص، والبنى التحتية التي توزعت بين قطاع الكهرباء والنقل والصحة وسكة الحديد والطرق، والخسائر التي لحقت بالأملاك الخاصة بالمواطنين، والتي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار. لكن ذاكرة السوريين لم تنس بعد ما أدت إليه هذه السياسات في العقد الماضي، إذ خضع الاقتصاد السوري منذ مطلع القرن الجديد إلى رؤية تبنتها مجموعة من الاقتصاديين المبهورين بالليبرالية الاقتصادية الجديدة، وقدمتها للقيادة السياسية كوصفات سحرية لعلاج الاقتصاد السوري الذي يعاني- حسب رؤيتهم- تخلفاً في قطاعاته العامة والخاصة المنتجة، وانخفاضاً في حجم الاستثمارات، وتواضعاً في قيمة الصادرات، وسيطرة حكومية على الأدوات الاقتصادية والمالية الفاعلة، وربطاً ميكانيكياً بين مآل عملية النمو الاقتصادي ومبدأ الرعاية الاجتماعية للفئات الاجتماعية الضعيفة. وتتلخص هذه الرؤية بجملة واحدة:اعتماد برامج التكييف الاقتصادي المعروفة ب (توافق واشنطن ) والتي تتلخص الإجراءات التي يوصي بها بما يلي:

 1- تقليص الإنفاق العام لاسيما الدعم الاجتماعي، وفرض رسوم على الخدمات العامة التي كانت مجانية، وتحرير أسعار الفائدة، وإلغاء القيود على انتقال الرساميل، وتخفيض الرسوم الجمركية.

2 – حصر الإنفاق العام، على البنية الأساسية والتعليم والصحة، دون الاستثمار المباشر في عمليات إنتاج السلع والخدمات، وتخفيض معدلات الضرائب المباشرة وتوسيع القاعدة الضريبية، وإصلاح نظام الصرف الأجنبي وترك أسعار التعادل للعرض والطلب.

3 – تأمين حقوق الملكية، وطمأنة الرساميل بموجب نص دستوري يمنع مصادرتها أو تأميمها، وتفكيك التسعير الإداري، وعدم توجيه القطاع العام، وإفساح المجال لقوى السوق لتعتني بهذه المسائل، وتحرير الاستثمار الأجنبي بإلغاء قيود نسب تملكه رأسمال الشركات الوطنية، وكذلك قيود تحويل الأرباح أو الرأسمال إلى الخارج، والقيود التي تحد من تعاملات الأموال الأجنبية في البورصة.

4 – تحرير التجارة الخارجية وإلغاء القيود على الصادرات والواردات، والخصخصة عن طريق بيع المؤسسات الإنتاجية أو الخدمية المملوكة للدولة والمصارف وشركات التأمين العامة، وتقليص دور الدولة.

 

ماذا حصدنا بعد تطبيق هذه السياسات؟

لن نسترسل طويلاً في ذكر النتائج التي أدت إليها هذه السياسات في العقد الماضي، خاصة أنها تعاملت مع المؤشرات الاقتصادية بعيداً عن صلتها بالجانب الإنساني، لكننا نورد على عجالة بعض هذه النتائج:

1 – راوحت مساهمة الصناعة التحويلية في القطاعين العام والخاص في الناتج المحلي الإجمالي بحدود 11%، رغم الخطط التي وضعت لتطوير ودعم الصناعة الوطنية-التي غابت في الدروج الموصدة- وماطلت الحكومات المتعاقبة في إصلاح وتطوير القطاع العام الصناعي، ثم فتحت الأسواق السورية أمام ما هب ودب من السلع الواردة من أصقاع الأرض بموجب اتفاقيات وتفاهمات مجحفة، أطاحت بالصناعة الوطنية، وتحول العديد من الصناعيين إلى النشاط التجاري (الرائج).

2 – تراجعت مساهمة الزراعة من 24إلى 14%، بعد إهمال تطوير المناطق الشرقية في البلاد، ورفع أسعار المازوت اللازم للزراعة المروية، ونزحت الأيدي العاملة الزراعية، وتهاونت الحكومات في تنفيذ مشاريع الري الحديث.

3 – تسلمت القطاعات الريعية (النفط الخام- المصارف والتأمين- العقارات-السياحة النخبوية- التجارة- الاتصالات والخدمات) مفاتيح الاقتصاد الوطني، وصبت الاستثمارات الخاصة السورية والأجنبية ملياراتها في هذه القطاعات، التي كانت وراء فقاعة النمو التي تفاخر مهندسو الاقتصاد السوري السابقين بمؤشراته التي تراوحت بين 4و6%.

4 – اتسعت بؤر الفقر خارج المناطق (المحرومة) في شمال وشرق البلاد، فشملت المدن الصغيرة والكبيرة، لتبلغ نسبة الفقراء نحو 41%، وارتفعت نسبة الراغبين في الهجرة بحثاً عن لقمة العيش في الخارج ممن هم في سن العمل إلى نحو 44%. (2)

5 – ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل إلى 18%، وفي أوساط الشباب إلى أكثر من 30%، ولم تصدق وعود الطواقم الاقتصادية للحكومات المتعاقبة بتوليد فرص عمل جديدة لاستيعاب الأيدي العاملة الجديدة التي ترفد سوق العمل بنحو 230 ألف طالب عمل سنوياً.

6 – تراجعت الحكومات عن المكاسب التي حصلت عليها الطبقة العاملة، وهمشت مطالب الفئات الشعبية، وانحازت السياسات الاقتصادية إلى جانب الطبقات والفئات الغنية.. وأثرياء(الغفلة)، فتقزمت الأجور أمام الارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الأساسية، وأحجمت عن مد شبكة الأمان الاجتماعي والصحي للعاملين في القطاع الخاص، فبقي نحو 83% منهم خارج التأمينات الاجتماعية، و(كوّشت) حزمة من رجال الأعمال الطفيليين (البازغين) على مفاتيح الاقتصاد الوطني، وابتلعوا الأخضر واليابس، ورزحت الكتلة الشعبية الكبرى المؤلفة من العمال والمزارعين الصغار وجميع العاملين بأجر تحت رحمة (عدالة) السوق!

ونعتقد جازمين أن الأضرار الناجمة عن الضغوط والعقوبات والحصار الاقتصادي الظالم، الذي فرضته قوى التحالف الأمريكي الأوربي الخليجي التركي على اقتصادنا الوطني، ماكانت لتمارس تأثيراتها البالغة على توازن الموازنة العامة للدولة، وقيمة الليرة السورية، وحجم الاحتياطي الاستراتيجي للقطع، والدين العام، والتضخم، لو أن الاقتصاد السوري كان اقتصاداً تعددياً تنموياً مستقلاً عن السياسات.. والنصائح.. والتبعية للرأسمالية الريعية والصناديق والمؤسسات الدولية، مؤطراً بخطط حكومية لتطوير وإنهاض قطاعات الإنتاج الحقيقي، وتلبية مصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة التي تعد العامل الأساسي لصمود البلاد في مواجهة جميع الأخطار الداخلية والخارجية.

لذلك فإننا نرى أن إعادة إعمار ما تهدم لن يتحقق بالاستناد إلى سياسات اقتصادية نيوليبرالية كانت السبب في تحجيم قطاعاتنا المنتجة، وإثارة غضب الجماهير الشعبية. بل يتحقق بعد توافق السوريين على نهج اقتصادي جديد، تنموي.. تعددي، تخططه وتوجهه الحكومة، يساهم فيه القطاع الخاص والرساميل الوطنية.. ولاتهيمن عليه. يوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي الناتج عن قطاعات الإنتاج الحقيقي لا الريعي، ومتطلبات التنمية الاجتماعية المتوازنة الشاملة، وذلك ضمن خطة حكومية، موزعة على مدد زمنية محددة، تساهم فيها الموارد المحلية الحكومية، والقطاعات الخاصة المنتجة. ويمكن الاستفادة من قروض الدول الصديقة والشقيقة، والمنح والتبرعات غير المشروطة، وسندات الخزينة المخصصة حصراً في تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، والاعتماد على الشركات والمؤسسات الحكومية، خاصة شركات الإنشاءات العامة في تنفيذ هذه المشاريع.

 

 3 – اقتصاد تنموي تعددي

يمكن تحديد مضمون هذا النموذج الاقتصادي التنموي استناداً إلى خطة تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة وشاملة تضعها الدولة، وتقوم بتنفيذها بالاعتماد على الذات، وبالمشاركة مع القطاع الخاص المنتج، والرساميل الوطنية، لتنفيذ الأهداف التالية: (3)

1- تحديث وتطوير فروع الإنتاج الرئيسية كالصناعة والزراعة، ومنظومة البنى التحتية كمشاريع الطرق والنقل السككي ومشاريع الري، وفي توليد فرص عمل جديدة، والحفاظ على قطاع عام اقتصادي فاعل، يتدخل في الحياة الاقتصادية جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص المنتج.

2 – السياسات المتبعة يجب أن تتمحور حول تنفيذ بنود الخطة التنموية وإعادة الإعمار، إذ لا يجوز هنا أن تتناقض السياسات مع الأهداف المعلنة للخطة، كما حصل في الماضي، عندما كانت الأهداف في واد، وسياسات الطواقم الاقتصادية للحكومات السابقة في واد آخر.

3 – إعادة النظر بسياسات الانفتاح والتحرير، ولانعني هنا العودة إلى غلق الأبواب..بل الانفتاح على الاقتصاد الإقليمي والدولي بقدر ما يحقق الفائدة لصناعتنا الوطنية وإنتاجنا الزراعي، ومراجعة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي وقعتها الحكومة السابقة، وإلغاء ما كان منها مجحفاً وضاراً بقطاعاتنا الإنتاجية.

4 – دعم صناعتنا الوطنية وتحديثها، وتقديم مايلزم من تسهيلات كي تصبح هذه الصناعة فعلاً.. لا قولاً قاطرة التنمية في البلاد. ووضع برنامج واضح لإصلاح القطاع العام الصناعي، والاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة، بالمصانع الصغيرة والورشات والحرف والمشاغل، التي تشغل الجزء الأكبر من اليد العاملة في البلاد، ومساعدتها على تأمين مستلزمات الإنتاج من مواد أولية وطاقة، وتسهيل حصولها على القروض المصرفية، وحصر نشاطات الشركات الاستثمارية الكبرى والشركات القابضة، بالمشاريع الأساسية ذات التكاليف الاستثمارية المرتفعة، لا في المطاعم والمنتجعات. وتوجيه القطاع المصرفي الخاص والعام نحو المساهمة في المشاريع الكبيرة الملحوظة في خطة التنمية وإطلاق القروض العامة(سندات الخزينة) لتمويل المشاريع الاستثمارية.

5- الحفاظ على ملكية الدولة وإدارتها للمرافق الحيوية والاستراتيجية، كالمرافئ والمطارات وقطاعات الكهرباء والمياه، وتحديث طاقمها الفني والإداري، وإعادة النظر ببعض التشريعات التي يفوح منها رائحة خصخصة هذه المرافق!

6 – مكافحة الفساد بجميع أشكاله وتجلياته، فهو يعطل تنفيذ الخطط التنموية، ويحبط آمال الجماهير الشعبية بعملية التنمية برمتها.

7 – ضمان الأمن الغذائي في البلاد عن طريق الدعم الدائم لقطاع الزراعة، والاستمرار في تنفيذ المشاريع المائية، ومصانع السماد والعلف، وتنمية الثروة الحيوانية، ومنح التسهيلات لمشاركة القطاع الخاص في إقامة المشاريع الصناعية- الزراعية في المحافظات الشرقية.

8 – إن المشاركة الشعبية الديمقراطية هي شرط جوهري لكل توجه تنموي حقيقي، وذلك عن طريق تفعيل وتنشيط العامل الاجتماعي الداخلي.إن نظريات التنمية القائمة على رؤية اقتصادية بحتة، فشلت في تحقيق النقلة النوعية في حياة الناس.

9- استعادة الدور الرعائي الداعم للفئات الفقيرة، ووضع سياسة ثابتة للأجور تقوم على سلم متحرك يتناسب مع غلاء المعيشة، والحفاظ على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة، وتعديل قانون العمل بهدف إلغاء التسريح الكيفي والتعسفي، وتوسيع قوانين الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والصحي للطبقة العاملة.

 10 – الحد من تفشي البطالة، خاصة بين الشباب. وإن زيادة استثمارات الحكومة في قطاعها العام، والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدة، وتقديم التسهيلات المصرفية للمهنيين والحرفيين الشباب، ودعم الزراعة السورية، هي من أبرز الحلول في هذا المجال.

11- قيام الحكومة بالإشراف على إعادة توزيع عوائد النمو بين الفئات الاجتماعية، عبر شبكة واسعة من الخدمات التي تستهدف الفئات الأقل دخلاً، كالتعليم المجاني المتطور، والضمان الاجتماعي والصحي، وتنمية المناطق المتخلفة، واستهداف بؤر الفقر، وتمكين المرأة.

12 – دعم التعليم المجاني وتطويره، ومعالجة تسرب التلاميذ، والاهتمام الخاص بتعليم الفتيات في المناطق الأقل نمواً، وإقامة جامعات حكومية جديدة قادرة على استيعاب الزيادة المضطردة في أعداد الطلاب.

13 – تنفيذ الوعود القديمة الجديدة التي قطعتها الحكومات بتمكين المرأة السورية، وزيادة مساهمتها في الحياة السياسية والاقتصادية، وسن التشريعات العصرية الهادفة إلى مساواتها الكاملة مع الرجل.

إن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية استناداً إلى نموذج اقتصادي تنموي تعددي، لن يمارس تأثيره في البنى الاقتصادية وقطاعات الإنتاج، أو في التبديل الجذري للأوضاع الاجتماعية والمعيشية لجماهير الشعب السوري فقط، بل ستمتد مفاعيله إلى الأوضاع السياسية في البلاد، إذ سيقوي صمودها.. ويساعد في استمرار وقوفها في وجه مشاريع الهيمنة التي تقودها الإمبريالية الأمريكية وشركاؤها.

 

المراجع

1 – راجع حديث عبد الله الدردري لمشروع الحوار السوري- مواقع إلكترونية.

2-راجع تقارير الهيئة السورية للأسرة 2007-2009.

3-راجع كتاب الاقتصاد السوري في أربعين عاماً-الدكتور منير الحمش.

العدد 1105 - 01/5/2024