المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قرارات سياسية وتنظيمية متقدمة

أنهى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دورة أعماله الـ26 في مقر المقاطعة (رام الله)، يومي 26 و27 نيسان الماضي، متوجاً سلسلة من التحركات الفلسطينية الداخلية والدولية أيضاً. وجاء بيان المجلس خطوة متقدمة على طريق بلورة موقف تفاوضي فلسطيني جديد، ينهي التباينات والتعارضات التي حكمت مواقف فصائل المنظمة وأطراف العمل الوطني الفلسطيني، حول استئناف المفاوضات، حسب خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الفاشلة.

كما تضمن البيان العديد من التوصيات والقرارات حول الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وفي الصدارة منها منظمة التحرير الفلسطينية.

ينظر إلى المجلس المركزي بوصفه هيئة تشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية وحلقة وسيطة بين اللجنة التنفيذية (القيادة اليومية للمنظمة) والمجلس الوطني، الهيئة التشريعية الأولى (البرلمان الفلسطيني).. وتعتبر قراراته مرجعية ملزمة لعمل اللجنة التنفيذية (أفراداً وهيئة). وجاء انعقاد الدور الـ26 للمجلس، بعد اجتماعات قيادية فلسطينية، إثر مسألتين هامتين:

– الأولى وتتلخص في قرار وقف استئناف المفاوضات التي توجتها جولات كيري.

– الثانية وتتجلى في الوصول إلى اتفاق مصالحة بين وفدي المنظمة وحركة حماس (23 نيسان الماضي)، كما تزامنت مع انتهاء مدة التسعة شهور التي حددها كيري لاستئناف المفاوضات في تموز الماضي.

وأصدر المجلس في ختام أعمال دورته بياناً، يصفه المراقبون بالمتقدم، مقارنة بقراراته السياسية والتنظيمية السابقة، إذ تضمن:

سياسياً

إن أي استئناف للعملية السياسية، يتطلب أسساً جديدة تقوم على التزام إسرائيل الواضح بقرارات الشرعية الدولية، وحدود عام ،1967 ووقف تام للاستيطان في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتنفيذ كل الاستحقاقات المترتبة على الاحتلال. ودعا البيان الختامي إلى ضرورة العمل مع جميع الأطراف الدولية المعنية بعملية السلام، من أجل رعاية دولية جماعية، من خلال مجلس الأمن الدولي لأي عملية تفاوضية في المستقبل، أو عقد مؤتمر دولي لسلام يقود إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ووقف استمرار تلاعب إسرائيل بالمجتمع الدولي وبكل مساعي السلام. وشدد على الرفض المطلق لمطلب حكومة إسرائيل الاعتراف بها دولةً يهودية، ورفضه القبول باستمرار فلسطينية دولة تحت الاحتلال. وطالب الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع، باتخاذ الإجراءات الضرورية لإلزام إسرائيل بتحمل مسؤولياتها كافة، وفقاً لهذه الاتفاقيات والبروتوكولات الإضافية، كما قرر استكمال الانضمام إلى سائر المواثيق والمعاهدات الدولية، كذلك رفض مبدأ (تبادل الأراضي).

تنظيمياً

وتلخص في قرار إتمام المصالحة الفلسطينية، وتنفيذ اتفاق غزة (23 نيسان)، وذلك بالإسراع في تشكيل حكومة توافق وطني، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. ورفض في هذا السياق الحملة العشواء التي تشنها إسرائيل ضد اتفاق المصالحة.. كما أكد ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وتطويرها، بإعادة تشكيل المجلس الوطني، واعتماد الانتخابات لعضويته حيثما أمكن، مع المحافظة على طابعه الجبهوي والتمثيلي، وإعادة تشكيل المجلس المركزي وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة، والحفاظ على انتظام اجتماعات مؤسسات المنظمة ودوريتها.

وفي هذا السياق نشير إلى عدد من المسائل الهامة التي توصل إليها وأقرها المجلس في دورة أعماله، ومنها:

– أن بيانه الختامي قد تضمن مراجعة (نقدية) لعملية استئناف المفاوضات المنتهية وفق خطة كيري، واتخذ قرارات يفترض أن تكون ملزمة للجميع وبضمنهم الوفد الفلسطيني المفاوض.

– أن وقف الاستيطان وتحرير الأسرى يشكل مسألة مركزية في جهود المنظمة وعملها، فلم تفرج إسرائيل عن الدفعة الرابعة من الأسرى حسب خطة كيري، وواصلت توسيع الاستيطان ببناء 13851 وحدة استيطانية، خلال مهمة كيري – التسعة شهور الماضية.

– أن الغضب الإسرائيلي الذي أعلنه نتنياهو ووزراؤه (أطلق عباس رصاصة الرحمة على العملية التفاوضية)، وإعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما (عدم الرضا من هذا الاتفاق.. إنه خطوة ضارة بالمفاوضات)، وقد رد عليها المجلس في بيانه الختامي المتقدم، مرة أخرى، قياساً بالبيانات السابقة.

– أن مدى الالتزام بهذه القرارات الهامة، سيؤكد أهمية التوافق الداخلي الفلسطيني، فقد استخدم الآخرون الانقسام، بوصفه نقطة ضعف كبيرة وكارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

– أن الإقرار، مرة أخرى، بالمرجعية الدولية، يمثل  انتقاداً ذاتياً للموقف من خطة كيري، واستئناف المفاوضات في تموز الماضي.

هذه القضايا، على أهميتها، وغيرها أيضاً، يفترض بها أن تمثل بوصلة عمل لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتالياً متابعة الاستحقاقات المترتبة عليها، وعلى نتائج الدورة الـ26 للمجلس المركزي كلها أيضاً.

العدد 1105 - 01/5/2024