لتتوافق إرادة السوريين.. مستقبل سورية في تقدمها وخيارها السياسي الديمقراطي

تتواصل لقاءات اللجنة الحكومية المكلفة إجراء المشاورات مع القوى السياسية في الداخل والخارج وهيئات المجتمع المدني والفعاليات الاقتصادية والروحية، بهدف التحضير لعقد الحوار الوطني الشامل، والذي يُعد بجميع المقاييس الاستحقاق الأبرز، والمدخل الآمن الوحيد للخروج من نفق الأزمة السورية، التي باتت تهدد وحدة البلاد، والعيش المشترك المتآلف لنسيجها الاجتماعي.

كذلك أبدت روسيا وإيران استعداهما لاستضافة لقاءات تضم المعارضة السياسية في الخارج بهدف تقريب المسافات، والاستجابة إلى دعوة الحوار الرئاسية السورية لحل الأزمة بالطرق السياسية، التي أعلنت الجهات الحكومية أنها مفتوحة للجميع دون استثناء، ودون شروط، إلا أن تكون هذه الاستجابة صادقة، ولا تبرر التدخل الأجنبي في الحوار السوري السوري.

ومن ناحية أخرى يبذل التحالف الدولي المعادي لسورية وشعبها بقيادة الولايات المتحدة جهوداً استثنائية لعرقلة توافق السوريين، من خلال التشكيك بالدعوة السورية، وتفويض قطر وتركيا بوضع السيناريوهات الأكثر خطورة لمنع أي حوار، أو توافق على حل الأزمة السورية لا يضمن تحقيق المصالح الجيوسياسية، والاقتصادية لهذا التحالف، ومنها سيناريو إخراج التنظيمات السلفية الإرهابية من الكهوف والمغاور، وإعادة الاعتبار إليها تحت لافتات سياسية، ومدها بالمليارات، وفتح ترسانات الأسلحة لعناصرها، ومواكبتها بضخ إعلامي يفوق الخيال، لإظهارها خياراً وحيداً لجماهير الشعب السوري.

ويبدو أن هؤلاء فقدوا ذاكرتهم السياسية، أو أنهم صدقوا ألعاب الميديا العالمية والخليجية التي فبركوها، فقد فاتهم أن شعبنا السوري سعى دائماً إلى التقدم والتطور مدخلاً إلى الحياة الحرة الكريمة، وكان في طليعة الركب النهضوي.. المدني المناهض لكل أشكال الهيمنة السياسية والدينية والمذهبية والطائفية التي شجعت على استفحالها وسطوتها الدولة العثمانية والاستعمار الأوربي خلال قرون استعمارهما للبلدان العربية. كما ساهم بجهوده في العقود الماضية لوضع الأسس الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع مدني يسعى للتطور والتقدم ومجاراة كل ماتطلقه منجزات العلم الحديث، رغم غياب النظام السياسي التعددي المنفتح على الآخر، والذي أدى غيابه إلى إعاقة تحقيق طموحات فئات المجتمع السوري بالوصول إلى عتبة اللاعودة عن التقدم.

مستقبل سورية الذي ستوضع ملامحه الأساسية في ندوة السوريين العتيدة، لن يكون إلا استمراراً لطموحات شعبها بجميع قواه السياسية والمجتمعية والدينية والإثنية.. ولن يكون إلا مستقبلاً يكرس التعددية والانفتاح على الآخر، في ظل نظام سياسي ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة سلمياً حسب إرادة جماهير الشعب.. مستقبلاً يلاقي ما سعت إليه أجيال السوريين منذ نيل الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي من نبذ التخلف والتعصب بجميع أشكالهما، والمساهمة في مسيرة التقدم العالمية، وبناء وطن علماني منفتح على أبنائه، حريص على مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة مصالح الفئات الفقيرة والمتوسطة.

إن وقف نزيف الدم السوري وإنهاء تخريب سورية له مدخل واحد: هو الحوار.. والتوافق.. فلنلقِ السلاح، ولنذهب إلى تحقيق طموحات شعبنا والحفاظ على وحدة بلادنا.. وإلا فأين هو الطريق الآخر؟

العدد 1105 - 01/5/2024