معلولا ترحب بكم

تبعد معلولا عن دمشق 52كم،مناخها جاف شتاء ومعتدل صيفاً. تقع ضمن سلسة جبال القلمون، لسانها ناطقٌ بالآرامية وحضارتها متنوعة…

لن أطيل الوصف لأن الجميع ربما يعرف معلولا أكثر مني أنا ابنتها، فقريتي أشهر من نار على علم وسمعتها منتشرة على مستوى العالم. فإنك عندما تزورها ستتمكن من أي مكان تقف فيه أن ترسم لوحة فنية جميلة أو تأخذ صورة فوتوغرافية فريدة للذاكرة. بلدة آمنة، مسالمة، محايدة، مطمئنة إلى أن دخلها الإرهاب يوماً منتهكاً بهمجيته وغدره حرمات بيوتها وأديرتها بطريقة غريبة. لتصبح صورها الحالية تعبر عن واقعها قبل وبعد الحرب والتكفير الذي بدّل كثيراً من جمالها وخشوع مزاراتها. (بالذبح جيناكم) عبارة مكتوبة على حائط بيتنا في معلولا! لا.. لا.. ليس في أفغانستان إنه بيتنا في معلولا !و يا لسخرية القدر وقسوته. كنا نسمع عن التكفيريين ونشاهد بلادهم على شاشات التلفزة، نخاف ونقول (بعيد الشر عنا)، ولكن قوى الشر والجحيم وصلت إلى عقر دارنا بمساندة من بعض جيراننا ويا للأسف! ونحن جماعةٌ والله يعلم لا نريد إلا الخير وكل الخير للناس ولأنفسنا. وأما أعمالهم المشينة من سرقة محترفة للبيوت والآثار والتخريب المريب وحرق للأماكن.. ليرحلوا ويتركوا خلفهم آثاراً سوداء سوداء مثل قلوبهم وعقولهم. أضف إلى أعمال أخرى أخجل من تذكّرها لاحترامي الشديد لكم.

أعمالٌ تعبر عن حقد مريض أعمى الشر على بصيرته وحتى أنه غريبٌ عنا نحنُ أصناف البشر.

إن نار التكفير تحرق كل ما تصادفه أمامها، وما معلولا إلا قطعةPuzzle) ) غيرة من لوحة سورية الكبيرة، وما عانته ليس إلا غيض من فيض مما ذاقت البلد لأن نار التكفير ألوت قلوب الكثير من السوريين وعمقت من جراحهم.

أنا اليوم سأرتدي عباءة الوطن وأعلن موقفي منهم، أنا المسلمة والمسيحية، الموالية والمعارضة. أعلن أنني ضد كل التكفيريين وكل من يدعمهم حتى ولو خجلاً أو من تحت الطاولة أو جهاراً. موقفاً أعلنه، على دمي، لأن ديبلوماسيتي الناعمة ضاقت ذرعاً بهم شكلاً ومضموناً.

هنالك مثل شعبي يقول (الله يرد البلا) وأعتقد أن التكفيريين هم البلا الذي تغلغل ببلدنا ويا للمصيبة !و بقي أن نتخلص منهم قبل أن يقضي علينا. علينا نحن السوريون أن نعي جيداً خطورة الموضوع وننصهر جميعاً ببوتقة الوطن، لأننا لن نتمكن من مواجهة المد التكفيري إلا بوحدتنا، لأن خطره أكبر من كل اختلافاتنا. ونعود إلى معلولا ابنة سورية الأم لنجدها بدأت تستعيد عافيتها شيئاً فشيئاً وترمم جراحها، بيوتها، وأديرتها، فالأديرة لا تزال أعمدتها واقفة كما نحن. البيوت لا تزال أعمدتها واقفة كما نحن. سنمضي إلى الأمام بالرغم من كل الصعوبات والمواجع لتعود معلولا ترحب بكم.

فجرحك معلولا كبير لكن حبك سورية.. أكبر!

هزيمة معلولا كبيرة لكن نصرك العظيم القادم سورية.. أكبر وأكبر!

وأخيراً، كما احتفلنا بعيد الجلاء منذ فترة وجيزة، أتمنى أن يأتي يوم ونحدد فيه يوم جلاء ثانٍ لنحتفل به، بجلاء لمحنتنا، جلاء لأحزان الناس وآلامهم، جلاء للتكفيريين عن سورية الحبيبية، عندئذ ليست معلولا فقط، سترحب بكم بل أيضاً وأيضاً سورية الحبيبة سترحب من جديد بجميع زوارها، كما كانت.

العدد 1107 - 22/5/2024