توظيف الشباب وقبر الكهول

كثيراً ما سمعنا عن البطالة والبطالة المقنعة، وعن أسبابهما، ونتائجهما، وإلى هذه الساعة لم نقف لهما على معنى، ولا ندري، إلى أية فئة منهما ننتمي، وكل الذي عرفناه، أننا أصحاب جيوب خاوية عملنا أم لم نعمل.. كيف ولماذا؟! أهو قدر أحمق كتب علينا أم نحن كتبناه بأيدينا؟ فهذه أسئلة لا يستطيع الإجابة  عنها إلا خبير اقتصادي مخضرم، له في معترك الاقتصاد صولة وجولة، خاض فيها أعتى المعارك وأصلفها.. أم تراه هو الآخر بحاجة إلى منجّم له ما يكفي من المعرفة في الكواكب وتأثيراتها؟!

فكل شاب ينهي دراسته يصبح شغله الشاغل البحث عن مورد ما يعينه على شظف العيش، ويؤمّن له رغيفاً من الخبز يسند به طوله، عله يستطيع في يوم من الأيام الحصول على منزل يؤويه، وزوجة تغنيه، فيجدّ في البحث في الدوائر الحكومية، فإن كان له سند سُنِد، وإن لم يكن له سند سَنّد هو الحيطان، فاتحاً فاه للهواء. ثم يقوم من جديد بالبحث عن عمل في القطاع الخاص، ومعلوم لدينا أنه غير آمن، وذلك لأن القوانين تحميه، وإن وجد القانون الذي يحمي العامل، فما على رب العمل إلا أن يرشي الموظف المسؤول، فيقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، مما يدفع العامل من جديد للبحث عن عمل لدى الحكومة.

هكذا بقينا بين كر وفر، إلى أن حلت بنا الأزمة، فصار الرغيف بحاجة إلى عدّاء للحاق به،فمن كان عمره أقل من ثلاثين حصل عليه، ومن كان أكثر، قبع في أرضه، نادباً حظه، وكان هذا بعد مجيء الحكومة الإصلاحية الأولى التي استبشرنا خيراً بها، من خلال وعودها في استقطاب أصحاب الخبرة أولاً، من دون الرجوع إلى الدور في مكاتب العمل، فصعقنا من شدة الفرح لأن جميع الشروط متوفرة فينا.

وعند الذهاب إلى مكتب العمل، رفضوا استلام شهادات الخبرة، وذلك لأنها غير مطلوبة، بل إننا عند أول مسابقة وجدنا أنفسنا خارج الخطة، (أعني خطة تشغيل الشباب) التي فيما بعد عدّل فيها العمر من ثلاثين إلى خمسة وثلاثين، وظل الكهول ممّن هم فوق العمر المحدد عاطلين عن العمل في زمن لا عمل فيه إلا في القطاع الحكومي، علماً أنهم في أمسّ الحاجة إلى العمل. والسبب الوجيه لعدم توظيفهم أنهم ليسوا عدّائين.

ونقرأ من جديد على شاشة التلفاز أن المسابقات متاحة لجميع الأعمار، وأن مقدرات الدولة السورية لكل أبناء الشعب السوري، والحكومة مسؤولة عن تقديم الإغاثة لكل من يحتاجها في ظل الظروف الحالية. وننتظر لنرى هل هذه الحكومة كسابقاتها الإصلاحية أم ماذا..؟!

ستأتي الإجابة لاحقاً..

العدد 1105 - 01/5/2024