أطفال في الشارع

أن تبيع أمّ طفلها في زمن الحرب والفقر والتهجير فهذا أمر متوقع، لكن ألا يتسع مكان في الحكومة لهذا الطفل وأمثاله، فهذا أمر مستهجن!!

في زمن الحروب تبدأ الكوارث الإنسانية، لكنها لا تنتهي مع انتهاء الحرب والاقتتال، بل إنها تتشعّب لسنوات بل عقود طويلة لتبقى نتائجها الأكثر تأثيراً على من كانوا أطفالاً في زمنها، فهم المعرضون للاستغلال والضياع والخطف، وهم من شهد حوادث الرعب من قتل وتدمير وفقدان لأحد الأبوين أو كليهما أو أحد من الأقارب، أو ربما مشاهد لمجازر مريعة.

أطفالنا اليوم يشهدون كل ذلك أو بعضه، وهنالك من يهتم لأمر بعضهم، لكن البعض الآخر من الأطفال، للأسف، يضيعون في الشارع، وللأسف أيضاً حتى القوانين تقف بطريقهم، وحتى نظام الجمعيات التي تعتني بالأيتام لن يكون متاحاً لاستقبالهم، فقط الباب الوحيد لهم هو دور الأحداث، أي السجن ولا بديل آخر عن هذه التسمية رغم كل الرتوشات ليتغير المكان ولتتغيّر أنظمة العيش فيه ليتحول الى دار للتأهيل، لكن كل الكلام حبر على الورق وكل الخطط والدراسات أموال ذهبت أدراج المؤتمرات وورشات العمل في الفنادق وأفخم المطاعم..

وعندما صادقت سورية ومعظم دول العالم على اتفاقية حقوق الطفل، أقرت أنه من واجب الدولة أن تبذل أقصى الجهود الممكنة لحماية الأطفال في الحروب والكوارث فعليها بالشراكة مع الدول المصادقة والمنظمات الدولية واجب أن تمنع وتكافح نقل الأطفال وعدم عودتهم بطريقة غير مشروعة، وأن تضمّن القوانين الداخلية ما يساعد على حماية الأطفال ودعمهم من خلال مراكز خاصة مهيأة لذلك، وخاصة أطفال الشوارع الذين باتوا اليوم خارج دائرة الإحصاء، والمساهمة في الحد من الاتجار بهم وتجريمه دولياً. وفي سورية اعتبر المرسوم رقم (3) في العام (2010) الاستخدام الجنسي للأطفال جريمة اتجار بالبشر وهي جريمة دولية.

وعلى الحكومة أيضاً أن تضمن سلامة الأطفال وأمانهم وعدم تعرضهم للاختطاف أو الإغواء، والعمل على حمايتهم من خطر البيع والاتجار بهم لأي غرض وبأي شكل، ويجب على الدولة أن تصادق على كل البروتوكولات والاتفاقيات التي تحارب الاستغلال بالبشر، وهنا ليس المقصود فقط حماية الأطفال من كل أشكال الاتجار بل العمل بكل الإمكانيات ضد اختطاف الأطفال وبيعهم والاتجار بهم، ويجب تقديم بيانات وتقارير عن هؤلاء الأطفال وتضمينهم ضمن برامج تأهيلية، ومن هنا يجب نشر التوعية بهذا الخصوص، وتخصيص نظام رقابي للأطفال الذين يعودون إلى أسرهم، لمنع التكرار وحمايتهم، ويخشى أيضاً من مسألة التبني خارج الحدود التي ينظمها أفراد، وكذلك التجنيد القسري للأطفال المختطفين أو استخدامهم لأغراض تجسسية، وتجارة الأعضاء، لذلك يجب مضاعفة الحماية والتأهيل، والعمل قدر الإمكان على دراسة الوضع ميدانياً، لا تقديم أرقام اعتباطية ودراسات دون جدوى تستهلك الكثير من المال دون أي تفعيل.

أطفالنا اليوم في الشارع وغداً في السجون، وفي كل لحظة تنتهك حقوقهم وإنسانيتهم، وكلنا مسؤول!

العدد 1105 - 01/5/2024