انتخابات الهند.. انتصار العنصرية والتعصب

يتحدث راهول غاندي، مرشح حزب المؤتمر لرئاسة الوزارة في الانتخابات الهندية، عن الديمقراطية، وهي أضخم انتخابات تجري حالياً في العالم، إذ يشارك فيها 841 مليون ناخب، وتحكم الهند حالياً وزارة يرأسها منهوهان سينغ، الذي لم يفز في الانتخابات، بل تنازلت له صونيا غاندي رئيسة حزب المؤتمر عن منصبها، بعد فوز غير متوقع لحزبها في الانتخابات السابقة. ويصب هذا الأمر في مصلحة مودي مرشح حزب بهارتيا جناتا القومي الهندوسي، الذي ترشحه التوقعات للفوز في هذه الانتخابات التي تجري حالياً في الهند.

كان نارنورا مودي يرأس الحكومة المحلية في ولاية غوجارات، وذلك منذ عام 2001. وقد حول هذه الولاية إلى نموذج ناجح اقتصادياً، إذ جعلها ملاذاً آمناً للشركات الأجنبية والمحلية الكبرى. ويقول أنصاره إنه جعل من الولاية نموذجاً للتنمية الاقتصادية التي انعكست آثارها على الحياة الاجتماعية، وعلى زيادة فرص العمل، أما ناقدوه، فقد قالوا إن نجاحات مودي سطحية وتميزت بالنمو غير المتوازن. ولم يكن يدور في أذهان الطبقة السياسية الهندية أن يكون مودي مرشحاً لرئاسة الوزارة، بعد الاضطرابات الدينية الخطيرة التي حدثت في عام 2002 ابان حكمه للولاية، والتي نتج منها مقتل أكثر من ألف شخص معظمهم من المسلمين. وقد اتهم مودي بالتسبب بتلك المجزرة. ولكن لم تجر محاكمته ولم ترفع ضده دعاوى. ومودي معروف بتعصبه الهندوسي، لم يكن يظن أنه سيكون لاعباً سياسياً على الصعيد القومي في الهند. وفي شهر أيلول من العام الماضي رشحه حزب المعارضة الرئيسي بهارتيا جناتا الهندوسي لرئاسة الوزارة. وقد طلب منه إجراء مقابلات تلفزيونية لتوضيح أمر الاضطرابات التي حدثت في عام 2002 بين المسلمين والهندوس. واعتبر أن نجاحه في حكم الولاية يخوله لمنصب رئيس وزراء الهند، كي يعيد نموها الاقتصادي إلى ما كان عليه من قبل.

يقول بعض الخبراء أن مودي لا ينجز شيئاً خارقاً، بل يبني على أساس ما تحقق سابقاً. وتبقى نسبة الأمية والتوقعات الخاصة بمدى سنوات الحياة، أقل مما عليه الأمر في باقي الولايات الهندية الغنية. وبالنظر إلى السياسات المحلية في الولايات، يبقى نجاح جهود مودي غير مضمون على الصعيد القومي. ويشكل المسلمون نسبة تسعة في المئة من عدد سكان الولاية البالغ عددهم ستين مليون نسمة.

حكم حزب المؤتمر الهند في العقد الماضي، والسنوات الأولى من العقد الحالي. وقد قدم للفقراء، خصوصاً الفلاحين منهم، الدعم لأسعار الغذاء والمحروقات والأسمدة الكيميائية، فضلاً عن مساعدات مالية. ولكن هذا الأمر لا يكفي لربح الانتخابات. وبعد هذه السنوات من تبوّؤ حزب المؤتمر الحكم، لا يحوز سمعة جيدة بشأن القروض ونسبة التضخم العالية والبطالة. ويظهر استفتاء إحصائي لمعهد (بيو) الأمريكي أن نسبة الساخطين على الحكم تبلغ نحو سبعين في المئة، وأن حزب بهارتيا جناتا سيحصل على 64 في المئة من الأصوات. وينوي الحزب المذكور في حال وصوله إلى الحكم أن يغير قواعد العمل ويسهل أعمال المستثمرين، وأن يعود إلى سياسة الخصخصة التي مارسها بين أعوام 1999 و،2004 وكأن ذلك هو روشتة الشفاء والرفاه.

عن (السفير)

العدد 1105 - 01/5/2024