مواقع التواصل الاجتماعي.. أي تواصل؟

فيما كنت أتصفح صفحتي على الـfacebook)) ذات مساء، ذهلت بالزخم الهائل من الصور والأخبار من كل حدب وصوب وعلى عدد الدقائق من دون مبالغة لآخذكم معي بجولتي الفيس بوكية، فتفضلوا وحاولوا أن تركزوا وأن لا تتشتتوا بين الصور والتعليقات والأخبار المفرحة والحزينة التي تتقلب مع تقلب الصفحات، وأبدأ:

ألف مبروك للعروسين.. خبر استشهاد شهيد.. انقطاع الماء عن حلب.. سوا بدنا نعيش، سورية لفلسطين، وغيرها من الشعارات الانتخابية.. (تسلملي هالشبويبة) في تعليق على صورة لشاب وسيم.. جلب الماء جلب لحلب.. بدء تصوير مسلسلات رمضان.. أسعار الدولار.. Happy Birthday وتهاني بأعياد الميلاد.. مبروك التخرج.. سورية عم تبكي..Paece for Syria.

وأكمل التصفح: حمص بعد العودة.. (تسلميلي ما أحلاكي) في تعليق على صورة فتاة جميلة.. سورية راجعة.. يوميات قذيفة هاون.. خطوبة مباركة…  Save Aleppo.. أوباما وبوتين والسياسة الدولية.. أزمة الماء والكهرباء.. مفاتيح السعادة الزوجية.

سأتوقف عند هذا الحد من تصفح للصفحات لنعود إلى موضوعنا الأساسي عن مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد مرت على تاريخ البشرية الكثير من الثورات، فلكل بلد مشاكله وثورته التي تخصه. أما الثورة التي طالت كل البلدان على وجه الكرة الأرضية فهي الثورة التكنولوجية، ثورة الاتصالات والمعلومات.

فها هي ذي التكنولوجيا الذكية تدخل بيوتنا وحياتنا، أما الهاتف المحمول والحاسوب فأصبحا جزءاً لا يتجزأ من أغراضنا الخصوصية.

وإذا خصصنا الحديث عن مواقع التواصل الإجتماعي الأكثر انتشاراً واستعمالاً وتأثيراً والمتمثلة بالـ:Face Book،Twitter,Instegram…) ) لكل منا حساب على أحدها على الأقل، لنثبت للآخرين أننا متورطون – عفواً، متطورون بما يكفي.

هذا جيد، فنحن أبناء هذا الزمن ولا بد أن نجاري لغته ولا اعتراض على حكم التكنولوجيا أولاً وأخيراً. فيا أخي، الحضور بمواقع التواصل الاجتماعي لا بد منه لتثبت للناس أنك عصري ومتطور ومواكب للحضارة البشرية، ولكن، بعد مضي زمن ليس بقليل على التفاعل الإلكتروني السريع والمذهل أعتقد أننا بحاجة إلى وقفة نقيّم فيها مدى جدوى استعمالنا لتلك المواقع ولنسأل أنفسنا ما الدي نريده بالتحديد منها؟ فهل التكنولوجيا هي التي تقودنا أم نحن من نقود استخدامنا لها؟ هل لنا أن نلاحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تأكل وقتنا وأيامنا وحياتنا وتشوه أو ربما تعطب علاقاتنا الإنسانية الجميلة ؟أين نحن من المد الإلكتروني الذي اجتاح حياتنا وعلاقاتنا دون ضبط أو حيطة مرات عديدة؟ هل لنا أن نداري استخدامنا لها كماً ونوعاً؟

 كم سننتبه كي لا تتحول من وسائل تواصل اجتماعي إلى وسائل عزل اجتماعي؟

هل نحن فعالون على الأرض في الميدان، في قلب المجتمع كلٌ في مكانه؟ أم اقتصرنا على فعاليتنا الإلكترونية؟

إن مواقع التواصل الاجتماعي ككل شيء في هذه الحياة له إيجابياته وسلبياته، ففي أماكن كثيرة لها مخاطرها لكن لا بد من الاعتراف بدورها في حياتنا. فأنا شخصياً لا يمكنني الاستغناء عنها فهي وسيلة إعلام ممتازة بكل المجالات وأداة تأثير بين الناس، فضلاً عن استخدامها أداة أساسية لتسويق المنتجات الاستهلاكية. وهي على الأقل تعطيك فرصة لكي يكون بين يديك أداة للتواصل مع أصدقاء تعرفت عليهم والتقيتهم مع تراكم الأيام ويهمك أمرهم.

علّنا تعلمنا بدروس التواصل أن أفضل طرق التواصل هو اللقاء الشخصي وجهاً لوجه. لذلك علينا أن نعود إلى تواصلنا الاجتماعي الإنساني الحقيقي، الفاعل، المصغي، الحاضر للآخر قلباً وقالباً.

 ولننفتح على أصدقائنا الذين نحبهم ونصادقهم إلكترونياً ولنلتقِ بمن يهمنا أمرهم على دروب الحياة لأن الطرق الإلكترونية مسدودة لا محالة.

العدد 1105 - 01/5/2024