أصوات تفاؤل

في ظل ما يحدث من ألم وتشنج وخوف وتشاؤم، يحدث أن نسمع بين الحين والآخر أصواتاً متفائلة تعطي بصيص أمل تحرّك فينا رغبةً في العمل والثبات على أرض الوطن، ورغبةً أيضاً بمتابعة الطريق الذي يصل بنا إلى مكان نستحقه كلنا سوريين وبشراً، رغبةً في القضاء على الفساد بأشكاله التي تتوالد بهيئات جديدة ومبتكرة في ظل حرب يعيشها السوريون، فانتفع منها فئة من تجار الحروب وصغار النفوس، لتُقنون الكسب غير المشروع وتغيّر موازين الحق ومفاهيمه بما يخدم مصلحتها مستغلّة غياب المحاسبة تحت عنوان (هنالك أمور أكبر وأخطر، على الدولة متابعتها)! لكن الحقيقة هي مشاكل ربما نجد لها حلولاً اليوم، لكنها بعد أن تتفاقم وتتقنون تحوّلت إلى عرف لن نستطيع معالجتها لأنها تصبح حقاً مكتسباً..

وبالعودة إلى أصوات التفاؤل نجد من يعمل لأجل البلد خارجه أو داخله بشكل سلمي وعلى أساس المواطنة، فيؤسس أجيالاً قادمة تحمل فكر الحق كجزء من الوطن والمواطن يتضمن الواجب وكيفية العمل للوصول إلى وطن أكثر اتساعاً لكل السوريين المختلفين والمتعددي الميول والاتجاهات، يعترف بحق كل فرد فيالاختلاف والتفرّد، ينطلق من ذاته ويعبّر عنها ويعترف الجميع به وبحقه. وهذا العمل ليس للمستقبل فقط، بل يبدأ من اليوم، من اللحظة، ولا ينتظر وقتاً أفضل للعمل، ويمكن لأي مواطن يريد التغيير أن يجد ضالته مع هؤلاء الراغبين والعاملين لأجل هدف واحد هو الإنسان السوري، وهم ينطلقون بأصوات يغمرها التفاؤل الذي يقوم على أسس حقيقية وتجارب دول مرّت بظروف مشابهة لنا لنستفيد من الجيد وننبذ السيئ (تجارب ألمانية، البوسنة، جنوب إفريقيا.. إلخ). لنصنع أياماً بأيدينا، دون الانتظار إلى وقت تصبح الظروف أفضل، لأننا نحن الذين سنصنعها، ونخلقها، وكل يبدأ من نفسه لنفرز السيئ من الجيد، والباطل عن الحق، ولنعلن عن ذلك، وفي ظل كل هذا التخوين والتجريم، يمكن أن نرفع صوتنا عالياً ضد من يستغل الظرف السيئ ليصنع منه إمبراطورية مهما كبرت ستأكلها حفنة من تراب..

العدد 1107 - 22/5/2024