التسوّل واستغلال الظروف

في كل مرة أجد نفسي أمام مواقف مؤلمة تتكرر بشكل مستمر و أتمنى لو أجد حلاً لها أو أن أعرف لمن يجب أن أتوجه لحلّ هذه المواقف أو المشاكل الاجتماعية التي نصادفها في الطرقات والشوارع وأماكن العبادة،وهي مشاهد هؤلاء الناس الذين اتخذوا من الحرب التي تحدث في بلادنا ذريعة كي يتسوّلوا بأساليب مبتذلة ورخيصة، منها حضّ الآخرين على الإشفاق عليهم نتيجة ما يعانون،  لكنهم في الحقيقة يستغلون ما يحدث لغايات التسوّل وهم لا يمثلون الناس الحقيقيين الذين فعلاً هجّروا من بيوتهم وعانوا المرّ طيلة سنوات..

فبالفعل هنالك من اضطّر لافتراش الأرض وعانى البرودة وشدّة الحرارة وعاش بلا أدنى مقومات الحياة، لكنه لم يمدّ يده لأحد، بل حاول البحث عن حلول بعيداً عن التسوّل وترجّي الآخرين، لكن بالمقابل هنالك من استغلّ كل ما يحدث كي يمثّل دور الضحية مستخدماً أطفاله أو النساء كي يستدرّوا العطف والشفقة، غير مهتم لكل ما قد يعانونه من استغلال أو إهانة.، وهؤلاء هم من أتحدث عنهم وهم من تؤلمني مشاهدتهم وتغيظني في الوقت نفسه.. ففي احدى المرات وبينما كنت في رحلة بحث عن حقيبة يد لي في السوق لفت نظري مشهد مؤلم، فقد رأيت رجلاً طاعناً في السن يتجوّل في السوق ويترجى كل من يمرّ به، ويطلب منهم النقود، بكل حرقة، فهز كياني ونظرت إليه من بعيد وقد أصابتني الدهشة لشخصية هذا الرجل، فانتابني تساؤل: أين معيلو ذلك الرجل؟ أبناؤه وعائلته؟ ألا يوجد من يوقف هذا الرجل عن ترجّي المارة بهذا الأسلوب؟

وعندما ترجاني ليطلب مني مالاً شعرت بالاستفزاز من طريقة سؤاله، فلو كان واعياً لما يقوله ما ترجى بتلك الطريقة..لكن لا أحد يعرف ظروف الناس وحقيقة الأمر هل هو حقيقة أم خداع؟

هذا ما يجب أن نفكر به ونسأل عنه، كيف يمكن للجهات المتخصصة أن تساعد الناس وأن تفرز المحتاج عن المدّعي ومحترف مهنة التسول الذي يسيء أولاً لانسانيته وثانية لبلده وحضارته؟

أتمنى أن أجد إجابة لتساؤلاتي.. وحيرتي.

العدد 1105 - 01/5/2024