بيان الحزب الشيوعي السوري «الموحد» حول الأزمة الاقتصادية في البلاد

يا جماهير شعبنا!

في الوقت الذي تشتد فيه الحرب والأعمال الإرهابية ضد سورية، وتسيل فيه دماء الأبرياء في الشوارع، يتعرض شعبنا إلى حرب شرسة من نوع آخر تستهدف اقتصادنا الوطني ولقمة عيش المواطنين، ومداخيلهم، وعملتهم الوطنية. فقد ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بمعدلات خيالية، بينما لم تزدد الرواتب والأجور في الفترة الأخيرة إلا بمعدل وسطي قدره 30-35%، فضلاً عن أن هذه الزيادة لم تشمل عمال القطاع الخاص حتى الآن. والمثير للعجب والاستياء أن أسعار جميع السلع والخدمات، دون استثناء، ترتفع ليس كل يوم فقط بل كل ساعة في بعض الأحيان، وكأن الحكومة قد أعفت نفسها من مهمة مراقبة الأسواق والأسعار والسيطرة عليها. وقد أصبح التجار، وخاصة الفئة الاحتكارية منهم، أسياد الأسواق. ولم يعودوا يهابون الدولة، ولا يحترمون قوانينها، ولا يراعون الاعتبارات الإنسانية ولا تأثير هذه الحالة على لقمة المواطن وغذاء أطفاله.

إننا نقدّر ونتفهم الظروف الموضوعية التي لعبت دوراً في ارتفاع أسعار السلع، ومنها الحرب العدوانية التي يشنها التحالف الأمريكي الأوربي التركي الخليجي ضد سورية، بهدف إنهاكها اقتصادياً وتدمير طاقاتها الإنتاجية الزراعية والصناعية، ووضعها في أقصى درجة من درجات الضعف. وهم إذا فشلوا في تحقيق أغراضهم بالتدخل العسكري المباشر وغير المباشر، وفي عزل سورية سياسياً واستراتيجياً، فهم يريدون التعويض عن فشلهم هذا بتحقيق نجاحات في حربهم الاقتصادية المستعرة، لكن الصمود السوري يتطلب العمل على وقف استنزاف الاقتصاد الوطني.

إن أخطر ما نواجهه هو التلاعب بأسعار صرف الليرة السورية مقابل أسعار العملات الأجنبية، فقد ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة السورية حتى تجاوز 300 ل.س، وهي لعبة تآمرية قذرة تديرها أوساط سعودية متآمرة، وينفذها عملاء محليون، منتشرون في جهاز الدولة، وبين المضاربين بالعملة ومراكز الصيرفة، الذين تحول عملهم إلى المضاربة المالية بهدف إسقاط الليرة السورية، وها هم أولاء قد نجحوا في تحقيق جزء كبير من هدفهم، ولا يجوز السماح لهم بالاستمرار في هذه اللعبة مهما كلف الأمر. وما لم تعد الدولة إلى التحكم بالتجارة الخارجية وتجارة الجملة، لأهم السلع، فإن الحياة المعاشية للناس ستبقى في أيدي كبار التجار الاحتكاريين الذين فتحت أمامهم أبواب الاستيراد على مصاريعها. وبالمقابل فإن الإجراء الذي يقوم به مصرف سورية المركزي ببيع القطع الأجنبي عن طريق المزاد، هو إجراء خاطئ ويؤدي إلى التفريط باحتياطي البلاد من القطع الأجنبي، ولا يستفيد منه سوى المضاربين بالعملة الذين يتجمع بأيديهم القطع الأجنبي في نهاية الأمر، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر القطع الأجنبي. ونحمل المسؤولية في ذلك للحكومة ولمصرف سورية المركزي في حال استمرار هذه الطريقة التي تستنزف مخزون البلاد من القطع الأجنبي.

إننا ندعو جميع المواطنين إلى التنبه لأخطار دولرة الاقتصاد الوطني، التي تعني استخدام الدولار بدلاً من الليرة السورية في تعاملاتهم اليومية، وإشاعة ثقافة الدولار، وهو ما يدعو إليه كبار التجار والمضارين المرتبطين بمراكز الفساد الكبير والذين يجدون من يحميهم في السلطة، والمتآمرون في الخارج.

إننا نعيش أياماً صعبة، فالمؤامرة على سورية تشتد، وإذا لم تتخذ التدابير الإسعافية السريعة لفك الحصار الإرهابي على بعض المدن مثل حلب، وتبسط الدولة سلطتها على أرجاء البلاد وعلى ثرواتها الطبيعية، وتحمي الاقتصاد الوطني من الفساد والفاسدين، وتكشف فضائحهم، فإن الأمور ستسير من سيئ إلى أسوأ. وهذا يتطلب مشاركة واسعة من المواطنين وتنظيماتهم الشعبية والسياسية والاجتماعية في إيجاد الحلول الضرورية لوقف تدهور الاقتصاد الوطني، بادئين بالإجراءات التالية:

1- سيطرة الدولة على التجارة الخارجية، بدءاً بالمواد التموينية الأساسية ومستلزمات إعادة تشغيل الطاقات الإنتاجية.

2- وقف استيراد السلع الكمالية للحفاظ على القطع الأجنبي.

3- الإسراع في إقامة أسواق الهال الجديدة.

4- تشكيل لجان أحياء محلية للمراقبة التموينية.

5- الإيعاز للحواجز الأمنية لتسهيل مرور وسائط نقل المنتجات.

6- تخفيض عدد السيارات الحكومية المخصصة إلى أدنى حد.

7- رفع الفوائد المصرفية على الإيداعات بالليرة السورية، واستخدام الحصيلة للمشاريع الاستثمارية الحكومية.

8- بذل أقصى الجهود لفك الحصار التمويني الذي تفرضه المجموعات المسلحة على مدينتَيْ حلب ودمشق.

9- التشدد في ملاحقة تجار السوق السوداء وسماسرة القطع الأجنبي.

وأخيراً فإن كل هذه الإجراءات يصعب تطبيقها إذا لم يكافح الفساد مكافحة جدية وعلنية.

العدد 1105 - 01/5/2024