رمضان بنكهات حامضة

في مجيء رمضان ننتظر مزيداً من الفرح والتغيير في حياتنا، فنهيئ له الأجواء ونعيد التواصل فيما بيننا وخاصة الأقرباء، فنفتح باب التسامح والمغفرة ونتبادلهما.

لكن هذا العام في مراكز الايواء لم ننتظر رمضان بتلك الطريقة، فقد جربناه العام الماضي هنا في المكان نفسه، بعيداً عن أقربائنا مشتتين ضائعين هنا وهناك، تفاصيل صغيرة تجعلنا أكثر تشاؤماً ولن يدركها إلا من يعيشها، صعوبة الوصول إلى الماء البارد بعد يوم صيام حار، إعداد الفطور في ظروف صعبة، فصعود الدرج والنزول للوصول إلى مكان نجلي به لإعداد وجبة بسيطة جداً من الطعام المتوافر، بعد أن كنا نمدّ سفرات رمضان التي كانت تحوي على كل ما لذّ وطاب ونلتمّ حولها كلّ الأقارب والأحباب، اليوم سفراتنا خالية من أهلنا ، نعم، نجتمع معاً بعد الإفطار في باحة المدرسة، لكن ضحكاتنا وابتساماتنا فقط ترتسم على الوجه دون أن تصل الى القلب، كلنا ننتظر الفرج من عند الله، كثيرون منا قرروا هذا العام عدم الصيام، ومنا مَن لا يبالي بقدومه، فهو لم يعد شهراً للفرح والمسامحة، بل صار شهراً للتذكير بما راح والبكاء على الأيام الجميلة.

أما أنا فإني أعيش بين الحزن والألم وبين الأمل والتفاؤل، الحزن على حالتنا المزرية وعلى وضعنا الصعب، فأيام رمضان كانت عندي من أحلى الأيام، كنا نقضي أيام الشهر الفضيل مجتمعين على أشهى المأكولات مع أهلنا وأقاربنا، أما اليوم فلا ندري أين هم، كل في مكان من أرض الله الواسعة، أما الأمل فهو الفرح الذي نصنعه بأيدينا عندما نلتم بعد الفطور وعند السحور معاً في هذه المدرسة، ونتبادل الضحكات والقصص اللطيفة التي نعيشها، والتفاؤل يبقى بالعودة الى أيام جميلة رغم كل المصاعب والمحن، لأن سورية ستعود أجمل مما كانت بأبنائها الذين يدافعون عنها ويحبونها وستعود الأيام الهادئة واجتماع الأهل ورمضان كما كنا منذ سنوات مضت..

العدد 1107 - 22/5/2024