يتدخلون في سورية

أكدت أوساط سياسية واجتماعية تشيكية خطورة المنظمات الارهابية المسلحة التي ترتكب الفظائع في سورية والشرق الأوسط عموماً ليس على المنطقة فحسب بل على أوروبا نفسها.

وطالبت هذه الأوساط بعدم التدخل الخارجي في سورية

هنا ثلاثة من هذه الأوساط كتبت حول ذلك:

أكد الكاتب التشيكي بيتر شنور، الذي يعيش في هانوفر، في مقالة له عن المسيحيين في الشرق الأوسط، أن المسيحيين هناك يعتبرون الفئة الأكثر تضرراً، غير أن الوضع المأساوي لهم ولغيرهم من المجموعات الدينية، وبضمنها الأنظمة السنية المتسامحة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لم ينشأ فجأة، وإنما هو نتاج لعملية تعكير الاستقرار المكثفة الجارية في المنطقة.

وأضاف: إن ساركوزي وهولاند وكاميرون وأوباما لعبوا الدور الرئيسي في التصفية الفعلية لليبيا، وأنهم جربوا الأمر نفسه في سورية.

وأضاف أن هيئة الإذاعة البريطانية بثت في 3 تموز تقريراً عن الخطط العسكرية البريطانية لمهاجمة سورية وفق السيناريو الذي نفذ في ليبيا في عام 2012 مشيراً إلى أنه بعد التجارب المأساوية في العراق وليبيا، كان يتوجب على استراتيجية لندن وحلفائها أن يعرفوا ما ستكون عليه تداعيات ذلك على سورية والمنطقة كلها، مما يعني أن موضوع تدمير هياكل الدولة في سورية كان مقصوداً.

وأضاف: صحيح أن النظام السياسي فيها لا يتوافق والمعايير الغربية، غير أنه حافظ على معايير اجتماعية محددة، واحترم بشكل عام حقوق النساء، وضمن الحماية للأقليات العرقية، وحافظ على التعددية الدينية.

وأضاف: إن المسيحيين عاشوا في سورية بأمان، لأن فيها تقاليد من التسامح الديني تشكل جزءاً قوياً وكامل المواصفات من الثقافة الوطنية، أما عن ( لا) حقوق المرأة والمسيحيين في الممالك الإقطاعية في الخليج، الحليف المفصلي للولايات المتحدة، فليس من الضرري الحديث عن ذلك.

ورأى أن العلاقات الوثيقة بين قطر وفرنسا لم تأت فقط بصفقات في التجارة وكرة القدم، وإنما أيضاً وبالاشتراك مع السعودية وتركيا الأردوغانية، خلقت شراكة استراتيجية قادت عملية (إشاعة الديمقراطية) في ليبيا وسورية.

وأكد أن الدعم المتعدد الأوجه لـ(المتمردين)، عنى عسكرياً، وأيضاً سياسياً، صعود الراديكاليين السنة، بدءاً من الإخوان المسلمين، مروراً بالقاعدة، وانتهاء بالشرائح المختلفة، مما تشكل الآن (الدولة الإسلامية).

ودعا إلى تقييم القيمة الأخلاقية للعرض الفرنسي، بمنح مسيحيي الموصل اللجوء، على خلفية الدور الغريب لقطر في الساحة الدولية، مشيراً إلى أن تقديم التبرعات (الخاصة) للمتمردين من داعش، لا يمثل المساهمة الوحيدة من إقطاعيي قطر في خزينة الجهاد العالمي النشط.

وأشار كذلك إلى أنه في تشرين الثاني من عام 2012 قام عضو رفيع في العائلة الحاكمة بقطر بزيارة غزة، وقدم هناك لحركة حماس كميات كبيرة من المال، مع أنه من المعروف أن حماس تعتبر في الغرب تنظيماً إرهابياً. ولفت إلى السياسة التحفظية التي يتبناها حكام قطر الحاليون من الهجوم المدمر الذي تقوم به إسرائيل على غزة، وإلى دعم القطريين للمليشيات الإسلامية في مالي، وإلى وجود مكتب لطالبان في قطر، مع أن وجود بن لادن في أفغانستان كان سبباً لقيام أمريكا بشن حرب على أفغانستان.

وأكد أن القضية المأسوية للمسيحيين، أي مسيحي العراق، وداعش  ليست ظاهرة جديدة، فمنافِسة داعش (جبهة النصرة) أعلنت هي أيضاً في المناطق التي سيطرت عليها في حلب وجوارها أيضاً دولة خلافة إسلامية مستقلة عن داعش.

وأضاف: إن من الواضح لكل شخص أنه من دون الدعم التركي والمساعدات المالية من ممالك الخليج، فإن الفصائل الإسلامية المسلحة هناك لا يمكن لها أن تصمد، وأن الولايات المتحدة تتسامح على الأقل بموضوع التدخلات التركية.

وأشار إلى أن تقريراً للقسم الصحفي في البرلمان الالماني تحدث في ربيع العام الماضي عن هروب نحو 100 ألف مسيحي سوري أمام المسلحين الإسلاميين، أما أحد الأمثلة على ذلك، فيكمن في ما جرى في كسب والمناطق المجاورة التي يقطن فيها أرمن، مشيراً إلى أن نتيجة مهاجمتهم كانت تعرضهم للإرهاب وسقوط قتلى منهم ونزوح هؤلاء المسيحيين السوريين، أما الطريقة التي يتجاهل فيها الغرب هذه الفظائع، فتؤكد أن  باريس وواشنطن تتصرفان كالفريسيين وبشكل لا سابق له.

ورأى أن العالم بعد انهيار الكتلة الشرقية أخذ شكل الكارتل العالمي تحت قيادة أمريكا، غير أن صعود الصين، وعودة روسيا إلى الساحة الدولية، وتنامي دور مجموعة بريكس، وتبلور مراكز جديدة مستقلة في جنوب شرق آسيا وأوراسيا وأمريكا اللاتينية، يعكّر الاحتكار الأمريكي الحالي.

وأشار إلى أن أمثلة ليبيا وسورية وساحة الميدان في كييف تظهر أن الولايات المتحدة على استعداد لمنع حدوث هذا التطور، أن تعقد شراكة استراتيجية مع أي طرف، مؤكداً أن الصراعات المسلحة والعنف والفوضى تم التخطيط لها.

واختتم مقالته الطويلة بالقول إن المشكلة الرئيسية للمجتمع الغربي تكمن في أنه يراهن فقط على استراتيجية المواجهة، وأنه في هذا (الكفاح) من أجل المحافظة على التفوق الشامل (الهيمنة بدلاً من الشراكة) فإن الدول التي تمثل الحضارة الغربية على استعداد للتضحية بالقيم التي تعلن تبنيها على الأقل خارجياً، وأن الأمر لا يقتصر على النزاهة الأخلاقية الخاصة بها  ومبادئ الديمقراطية ودولة القانون، وإنما يشمل أيضاً الجذور الروحية للحضارة الغربية.

العدد 1105 - 01/5/2024