حركة (تمرّد).. النضال السلمي ضد العنف

مرحلة جديدة من الحراك الجماهيري السلمي، وتجربة تستعيد أنفاسها في تونس ومصر، أدت إلى تنظيم أشكال نضالية جديدة تتناسب مع ما يجري على الأرض (سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً).

بعد عام على حكم الإخوان المسلمين في مصر وانتهاء مدة المئة يوم، فشل هذا الحكم لأسباب عدة أهمها: الهيمنة على الدولة وسوء الإدارة، وتحويل مؤسساتها إلى مؤسسات (إخوانية)، وغياب الحريات الديمقراطية التي ثار الشعب المصري وقدم التضحيات من أجل تحقيقها في 25 كانون الثاني/ يناير، باعتبارها (الثورة الأولى) كمقدمة وتجربة نضالية رائدة مهَّدت (للثورة الثانية).

أكَّدت حركة (تمرّد) المصرية في بيانها التأسيسي، فشل النظام في الارتقاء بالحد الأدنى من مستوى طموحات المصريين في الحياة الحرة الكريمة. وأعلنت رفضها لاستمرار حكم الإخوان ، لتفادي أخطاء المرحلة السابقة. وهي الخط النضالي الذي يصل بين انتفاضة 30 حزيران/يونيو وثورة 25 كانون الثاني/ يناير. وحققت نجاحاً كبيراً في جمع أكثر من 22 مليون توقيع.

وكشفت الحركة الغطاء عن ممارسات النظام وديكتاتوريته، وعن دواعي القيام بالثورة الثانية التي من أبرزها (عدم وفاء الرئيس محمد مرسي بوعوده، ورجوع الأمن إلى الشارع، وعدم حل مشكلة البطالة، وتفاقم أزمات الكهرباء والبنزين والغاز، وقتل الجنود المصريين على الحدود المصرية الإسرائيلية، والتحريض ضد سورية وقطع العلاقات الدبلوماسية معها..).

ووضعت حركة (تمرّد) أهدافاً رئيسة لثورتها، وفي مقدمة هذه الأهداف: تنحّي الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإعطاء الفرصة للشباب، وسيادة دولة المؤسسات وحقوق الشهداء، وإنهاء الأزمات السياسية والاقتصادية وعودة الأمن، وإبعاد الجماعات الإسلامية عن حكم مصر، وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وزيادة الأجور ومحاكمة من هم على رأس السلطة.

وتحمَّل التونسيون كالمصريين استبداد حركة النهضة الإسلامية. ونفد صبر الشعب التونسي وقواه السياسية والجيل الشاب الذي شق الطريق الثورية منذ عامين ونّيف.

إن سوء الوضع السياسي والاجتماعي، وازدياد عدد العاطلين من العمل، وانتشار مظاهر الفقر وانحدار مئات الألوف إلى ما دون خط الفقر، والشعور بالحرمان وعدم الثقة بالنظام السياسي. . كل هذه الأمور مجتمعة حثَّت الشباب المنتفض الغاضب على تشكيل حركة (تمرّد) في تونس. وقد سبقها ومهّد لها موجة احتجاجات واسعة وإضرابات عمَّت المدن التونسية، والمؤسسات الحكومية والنقابات العمالية والمنظمات الشبابية والطلابية، ومشاركة الأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية ومنظمات المجتمع المدني.

وأعلن عن تأسيسها في بداية تموز، ونجحت في جمع أكثر من مليون توقيع. وجاءت الحركة إعلاناً سياسياً، وتحدّياً كبيراً للحكومة الإسلامية، كسر حاجز الصمت والخوف، وفتح نوعاً من الآفاق للسير على نهج الثورة المصرية الثانية.

ومن أبرز النقاط في برنامج (تمرّد): الدعوة إلى حل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وحل المجلس التأسيسي. وفتحت الحركة الباب أمام تشكيل حركات تمرّد أخرى. وأكّدت أنها ستناضل من أجل إسقاط النظام، وبناء نظام سياسي ديمقراطي وشعبي، يكرّس الحريات العامة ويؤمن بحرية الرأي والتعبير، ويرفض العنف والإرهاب. ويسعى لبناء قوة تمرّد قوية ضد النظام، ويعمل لجمع شمل شباب الثورة المؤمن بمستقبل تونس الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية.

وأعلن مؤخراً في البحرين عن تأسيس حركة (تمرّد) البحرينية، كشكل من أشكال الاحتجاج لتنفيذ المطالب الشعبية، على غرار حركتي التمرد في مصر وتونس.

وركزت (تمرّد) البحرينية على المشاركة في الحكم وليس إسقاط النظام الملكي، وعلى الحوار بين جميع القوى السياسية، والعمل السياسي بالوسائل السلمية. ودعت إلى العصيان المدني بواسطة خطة عملية واضحة يبدأ تنفيذها في 14 آب، وهو اليوم المصادف لعيد استقلال البحرين.

وصفت الحركة نظام البحرين ب(النظام الديكتاتوري والاستبدادي القبلي). ودعت إلى تحطيم هيبته وكل أدوات القمع والبطش، وانتزاع الحقوق كاملة وصولاً إلى تقرير المصير.. أما خطة العصيان المدني فهي:

* إغلاق المحلات التجارية، وعدم التبضّع أو التردد على المجمعات التجارية.

* التوقف عن التزود بالوقود.

* عدم مراجعة الدوائر الرسمية.

* إطفاء الأنوار بعد غروب الشمس من يوم التمرّد. . وغيرها.

وبرّر بيان الحركة أسباب الدعوة إلى الحراك بأنها تأتي (من أجل وطن يحتضن جميع أبنائه. ومن أجل بحرين لها ننتمي، وطناً نهائياً عربياً مستقلاً. ومن أجل شعب حر يحكم، ويكون هو مصدر السلطات جميعاً، وصاحب السيادة والشرعية.. إلخ).

ووصفت الحركة نفسها بأنها: (حركة وعي ومواطنة وانتماء وسيادة واستقلال وشرعية، ورسالة حب ووفاء وإخلاص لكل شعب البحرين، وتمرّد على السلطة).

لقد استجابت المرحلة الثورية الجديدة، لاستنهاض أجيال الشباب الوطني، وحمل أعباء الأوطان وتحمّل المسؤوليات الكبيرة ورفع راية الحرية والكرامة والسيادة، ورفض كل شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية. والنضال ضد العدو الإسرائيلي والصهيونية والرجعية العربية والإمبريالية، وكل أشكال الاستبداد والقمع والاستغلال والاضطهاد ورفع رايات الأوطان خفاقة عالية..!

العدد 1105 - 01/5/2024