حاجة ملحة لحماية المستهلك من محتكري السلع والمتلاعبين بالأسعار

لم تنخفض أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية، وضرب عدد كبير من التجار على مختلف تصنيفاتهم (جملة، ومفرق، وحلقات وسيطة) عرض الحائط بكل المطالبات الحكومية والأهلية لخفض الأسعار، واستمروا في بيع السلع وفقاً لأسعار مرتفعة، رغم سقوط الذريعة التي تلطوا خلفها، بأن أسعار الصرف المرتفعة والمتصاعدة هي التي دفعتهم لذلك سابقاً.

ولم يُظهر التجار بشكل عام، أي استجابة لخفض الأسعار، رغم حتمية ذلك، وبدأت عمليات المراوغة، والبحث عن مبررات وحجج لترسيخ الأسعار المرتفعة، كما حاول التجار سابقاً أن يربطوا أسعار السلع والمنتجات بأسعار الصرف المرتفعة.

واللافت أن التدخل الحكومي الايجابي كان مؤثراً في الأسواق، لكن التدخل التمويني الرقابي مازال خجولاً وضعيفاً، ولم يرتق إلى مستوى الطموحات التي تتمثل بوضع حد للأسعار المرتفعة، والاحتكار الذي يتخفى تحت عباءات مختلفة، ولحالة الفوضى التي تشهدها أسواق المناطق المصنفة آمنة، كما لم يرتدع عدد كبير من التجار من تهديدات تطبيق القانون عليهم، أو مناشدة ضمائرهم، للالتزام بوضع التسعيرة على المواد، تاركين قوى السوق وآليتها الجديدة المستندة إلى عدم إيلاء أي أهمية لدوريات حماية المستهلك، وتجاهل أي اعتبار لشكاوى المواطنين، وعدم الالتزام بالقانون.

ولابد من التنبيه، أن التدخل الحكومي الإيجابي، عبر تزويد السوق بمنتجات وسلع أساسية، وبيع أخرى بموجب البطاقات التموينية ودفاتر العائلة بأسعار مدعومة، سيحقق هدفاً تدخلياً جيداً، لكن مع استمرار الفوضى في الأسواق، وانفلات الأسعار من أي ضوابط، وعدم التحرك السريع على صعيد ضبط هذه الأسواق وتكثيف الدوريات التموينية، وتقديم المخالفين إلى القضاء سريعاً، ونشر أسماء المخالفين والمُعاقبين، فإن معظم هذه الجهود الحكومية ستضيع سدى، وسيحقق المتلاعبون والمتاجرون بقوت المواطن أرباحاً خيالية على حساب المواطن من جهة، وإشاعة حالة الفشل من جدوى التدخل الإيجابي للدولة، عبر مؤسساتها من جهة ثانية.

حال الأسواق، لم تعد تحتمل الكثير من الانتظار، والمأزق الذي يقف فيه المواطن لجهة الغلاء الكبير بالأسعار بات يستلزم حتماً، تدخلاً قوياً على مستوى حماية المستهلك، يوازي بقوته وشدته وأهميته التدخل الإيجابي.

العدد 1105 - 01/5/2024