بدمنا سنقاوم العدوان

إن هي إلا أيام معدودات، يضطر بعدها الرئيس الأمريكي للمثول أمام الكونغرس، لبحث العدوان على سورية، بعد الفضيحة الكبرى المتمثلة في تفكك (التحالف) العالمي الذي حاول أوباما بناءه، ليتستر وراءه في الهجوم على سورية، خاصة بعد انسحاب بريطانيا منه.

إذن.. وربما للمرة الأولى، تفقد الولايات المتحدة سلطتها أو هيبتها في جر العالم نحو الكوارث والحروب.. وهذا التحول يجب أن يسجله التاريخ لصالح صمود شعبنا وبلدنا، ولصالح المواقف الشجاعة لكل من روسيا والصين ومجموعة دول (بريكس). وهذا التحول أو المنعطف سيكون له منذ الآن فصاعداً آثار كبيرة على مجرى السياسة العالمية.

وقد يصوّت الكونغرس الأمريكي لصالح العدوان على سورية، وهذا لن يغيّر كثيراً من هذه الحقيقة.. صحيح أن العدوان هو العدوان ولا تفسير آخر له، لكن الانفراد الأمريكي في تنفيذه يفضح هشاشة الحجج التي سيقت لتبريره وكذبها وطابعها التلفيقي، وظهرت بذلك الحقيقة المؤكدة، وهي أن الموضوع ليس موضوع السلاح الكيماوي، ولا موضوع الديمقراطية والحرية، بل الموضوع يكمن في وضع اليد على سورية لتدمير جيشها وتحطيم منشآتها، لحماية أمن إسرائيل، وهو ما صرح به أوباما علناً وجهاراً.

وهناك من يسوّق لفكرة أن العدوان الذي يحتمل أن يجيزه الكونغرس للجيش الأمريكي، سيكون عدواناً (مصغراً) أو (محدوداً) ولا داعي للقلق كثيراً من نتائجه وآثاره، كما يدعون.. إلا أن الموضوع قد خرج برمته عن أن يكون عملاً عسكرياً كبيراً أو صغيراً، إنه صراع إرادات بين عالم قديم استعماري واستبدادي، وبين شعوب وبلدان تريد بناء عالم جديد مؤسس على التكافؤ والمصالح المتبادلة والمتوازنة.

أما المرتبطون والأغبياء والمضلّلون الذين يصلّون ليل نهار لكي يقصف الأمريكان بلدهم سورية، وينتقدون أوباما لتردده وتقاعسه عن تدميرها في هذه (الفرصة) السانحة، فيجب أن يطأطئوا رؤوسهم خجلاً، لأن ملايين البشر الذين زحفوا في كل أصقاع الأرض للتضامن مع الشعب السوري، أثبتوا أنهم يحبون سورية ويخافون عليها، في الوقت الذي يستجدي هؤلاء من الأمريكيين غزوها.. وما من عار في الدنيا أكبر من هذا العار.

إن شعبنا السوري سيواصل تقاليده المجيدة في الدفاع عن سيادة بلاده ضد أي عدوان أمريكي (محدود) أو (غير محدود)، لتبقى سورية دائماً مقبرة لأي غازٍ.

العدد 1105 - 01/5/2024