انتخابات حرّة ورسائل بالجملة

ينتظر المحامون في سورية مرحلة جديدة من الانتخابات لعضوية نقابة المحامين التي ستستمر لخمس سنوات قادمة 2014- 2019 وقد بدأت الحملة الانتخابية منذ أسابيع وتستمر مع هذه الحملة الرسائل البريدية والهاتفية مع استخدام كل وسائل التواصل من الواتس أب إلى الفايبر إلى الفيس بوك، وتتبعها الدعوات إلى فنادق الخمس والأربع نجوم للتعريف بأسماء المرشحين القادمين إلى النقابة بعد انتخابهم من قبل المحامين..

ما يثير التساؤلات خلال هذه المرحلة المتعلقة بالدعاية الانتخابية هي ماهية البرامج الانتخابية للأعضاء المرشحين، وكيف ستتحدد أولوياتهم، وفي الحقيقة لم يخرج إلى الآن برنامج يلبي صرخات المحامين السوريين، والتي كانت تطالب دوماً بنقابة تنصفهم اجتماعياً ومادياً ومهنياً وتحمي حقوقهم، وينتظر المحامون اليوم من يعمل على إعادة بناء الثقة بينهم وبين نقابتهم، هذه النقابة القديمة العريقة التي كان لها تاريخ مشرّف تنتظر اليوم من يعيد ألقها ويعيد للمحامين مكانتهم في المجتمع والدولة..

عن تاريخ النقابة ومهنة المحاماة في سورية كتب المحامي ناهل المصري أنه لا يوجد تاريخ محدد لمهنة المحاماة، فهي قديمة قدم الحضارة وقدم حضارة وعراقة مدينة دمشق نفسها، فهي موجودة منذ أن وجدت المدنية والقوانين والمحاكم والمجتمعات المنظمة في مدينة دمشق (أقدم مدينة مأهولة في التاريخ)، وتوجد وثائق تشير إلى هذه المهنة وممارستها في مدينة دمشق تحديداً منذ عصور ما قبل الميلاد، مروراً بالعهد الروماني فالإسلامي وحتى تاريخنا هذا.

وفي العهد العثماني كان المتقاضون يوكلون من يشاؤون من الأشخاص ليترافع عنهم ويدافع عن حقوقهم أمام المحاكم. ورغم أن باب الوكالة كان مفتوحاً يلجه كل من أراده، ورغم أن الانتساب لهذه المهنة ظل ردحاً من الزمن حراً لمن شاء، إلا أن المتقاضين لم يكونوا ليوكلوا في دعاواهم إلا الذين يضعون فيهم ثقتهم ممن يتصفون بالعلم والفقه والبلاغة والذكاء. وكانوا يسمون في ذلك العصر (وكيل دعوى) أو (وكيل عالم) أو (أفو كاتو) (أصلها إيطالي).

وقد أدرك الأتراك العثمانيون قيمة هذه المهنة النبيلة وأهميتها فأحدثوا (مكتب الحقوق) في العاصمة الأستانة، وصدر قانون (نظام وكلاء الدعاوى في المحاكم) في 16 ذي الحجة 1292 الموافق 13/1/1876.

وبموجب هذا القانون منعت مزاولة مهنة المحاماة أو التوكل بالدعاوى أمام المحاكم النظامية إلا لمن استحصل على رخصة رسمية من نظارة ديوان الأحكام العدلية.

كما نص هذا النظام على تأسيس جمعية دائمة (جمعية المحامين، تمثل أول نقابة للمحامين) للنظر في أمور وخصوصيات وكلاء الدعاوى، وعدد أعضائها وكيفية انتخابهم ومدة هذه الجمعية، وسقوط العضوية، والشروط الواجب توفرها في رئيس الجمعية وأعضائها، وانتخاب الكاتب وأمين الصندوق، والنصاب في المذاكرة، ووظائف الجمعية، وتسهيل وتدقيق مصالح من كان فقير الحال من أصحاب الدعاوى، والتأديب.

وما نزال بانتظار مرحلة أكثر تأثيراً وأقوى تدعم المحامين والقانون في سورية، وتدعم المحاميات السوريات بوجه خاص والمحامين الشباب الذين مازالوا في خطواتهم الأولى في عالم الحق..

العدد 1105 - 01/5/2024