وتستمر المعاناة.. نساء في مراكز الإيواء

بعد عامين من مكوثنا في مركز للإيواء أتت الأوامر أن ننتقل الى مركز آخر مع عدد من العائلات، وهذا تبديل بين المراكز للعائلات القاطنة فيه كنوع من التغيير أو لأسباب أخرى لا نعرفها، لكن هذه المرة وقع الاختيار علينا مع عدد من العائلات لننتقل الى مركز آخر، تعذبنا من جديد ونحن من ذوي الدخل المحدود، نقلنا أمتعتنا وأغراضنا وبقي المركز في أذهاننا في ذاكرة أطفالنا وكأننا نعاود الهجرة من جديد..

 ماذا نعمل؟ حاولنا التماسك ما استطعنا، فالأسرة السورية تبكي بعد أن خرجت من بيوتها وهي لا تدري الى أين تذهب، وعندما استقر بنا الوضع بدأنا نبكي من جديد وبدأت أشعر باليأس من سكني في مكان آخر، مدرسة أخرى، أشخاص جدد، أناس غرباء أطفال لا نعرف عائلاتهم، بدأت أتساءل: هل من هاجر وترك الديار وأصبح لا يستطيع العيش بمفرده دون مساعدة أحد أفضل مني؟هل من استأجر وترك دور الإيواء يستطيع العيش أيضاً أفضل مني؟ لماذا نحن فقراء لا نستطيع السفر أو الاستئجار؟ هل تكاليف السفر باهظة أم الإيجار مرتفع أم أن هذا هو قدرنا؟؟

أسئلة تدور وتدور، لكن للأمانة ربما نستطيع أن نسافر ونهاجر إن قسونا على أنفسنا وأطفالنا، فحب الوطن والعيش بالقرب من الأهل هو الذي منعنا من السفر خارج البلاد، وحب الأطفال وتوفير الحماية والرعاية لهم هو الذي منعنا من أن نستأجر ونستقل بأنفسنا، لأن السكن في مساكن الإيواء جميل جداً مع العائلات الكثيرة نشعر بالأمان الذي فقدناه في منزلنا عندما كنا نعيش في بيوتنا، والأطفال يلعبون ويلهون فيما بينهم فينسون أن البلاد تمر في أزمة شديدة وقعت على كواهل العائلات وحماة الديار..

 ماذا نفعل؟ كل هذا وذاك بدأنا نلملم ذاكرتنا ونضع السكر على جروحنا بسبب خروجنا من المدرسة إلى المركز الجديد، انتقلنا وبدأنا نتعرف إلى العائلات الجديدة، كلهم لطفاء وظرفاء مهجرون من أماكن مختلفة لا يريدون التنقل مثلنا إلى مدارس أخرى لأنهم يأملون بالرجوع إلى بلداتهم وبيوتهم بعد كل هذا الصبر، لكن هذا حظنا أن ننتقل الى مركز آخر بدل العودة إلى بيوتنا التي فقدناها ولا نعرف شيئاً عن مصيرها، لكن نأمل من الله ان تكون الهجرة الداخلية هي الأخيرة في محطاتنا في هذه الأزمة! نريد الرجوع إلى بيتنا الجميل إلى أسرتنا الكبيرة إلى مزارعنا التي سنعمل جاهدين عندما نرجع إليها بالعمل الصالح والخير بين الأرحام كي نداوي جراحنا وننهض بأسرتنا من جديد لنحمي سورية..

العدد 1107 - 22/5/2024