ويستمر الأورانج!

تستمر حملة الأورانج التي أطلقت منذ سنوات مطالبةً بوقف العنف على النساء، وتحييها في هذا الشهر المنظمات الحقوقية المدافعة عن المرأة وعن الإنسان متوجّة بمسيرة للشموع في أماكن عدّة، في التاسع والعشرين من تشرين الثاني كل عام، في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكانت سورية ضمن الدول التي تشارك بهذه المسيرة والاحتفالية المناهضة للعنف من خلال بعض المنظمات والجمعيات العاملة في مجال المرأة والطفل، والتي كان معظمها يعمل دون ترخيص، وكانت المساحة الضيقة من الحرية تسمح بخروج مسيرة للشموع في ساحة عرنوس وبضع محاضرات عن حقوق المرأة ومطالباتها في المنتدى الاجتماعي وبعض المراكز الثقافية إن لم تنافسها المراكز الدينية أو الجمعيات الخيرية لإلقاء محاضرة ما.!!

أما الأورانج فهو لون يعكس حالة التغيير التي تحلم بها المجتمعات والدول وما بين غروب الشمس أو شروقها تبدأ من جديد عملية البحث والإصرار على التغيير وسط كل هذا الزحام من الأولويات للرساميل والمافيات والعصبيات والاقتتال الدائر، ووضع النساء يبقى كما هو، ينظر إليه من بعيد كرفاهية لا ضرورة للحديث عنها أو البحث بها في ظل عظائم الأمور من حروب وكوارث وتغييرات كونية، وكأن كل ذلك لا علاقة له بالعنف والتمييز الذي يؤدي الى مزيد من الفقر والكوارث الاجتماعية والاقتصاديّة والبيئية.

ضمن هذه الحملة في هذا الشهر سنعمل في صفحتنا على البحث في أشكال العنف الواقع على المرأة نفسياً أو اجتماعياً أو جسدياً في سورية، وهي أشكال تناصرها العادات والتقاليد والقانون نفسه والعقليات الذكورية التي لا تنحصر فقط في الذكور بل تمتد للإناث أيضاً ضمن مفاهيم متوارثة تكاد أن تصبح حقائق لا مجال للبحث فيها.

وكي لا تبدو الصورة قاتمة لن تظهر النساء هنا مستسلمات أو مستكينات للحياة التي يعشنها، بل هنّ نساء يكافحن من أجل التغيير لأنفسهن وللمجتمع كله، فهن النساء اللواتي يناضلن من أجل التعليم والعمل وإثبات الذات ومكافحة أشكال العنف الواقع عليهن بقوتهن وعملهن على الأرض وليس فقط مجرّد شعارات ترفع على لافتات ورقية أو قماشية، في سورية نساء معيلات وصاحبات قرار وقادرات على التغيير والعمل والنضال رغم كل ما يحدث، في ظل النزاعات التي تزيد العبء عليهن وتسمح بالعنف بشكل أكبر وأكثر قسوة، ولأن الحلم كبير فالعمل لأجل تحقيقه أكبر وأصعب، وهذا هو قرار المجتمع كله الذي يريد أن يسير نحو الأفضل.

حول حملة الأورانج (حملة اتحدوا): أعلنت حملة الأمين العام (اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة) يوم الخامس والعشرين من كل شهر، اليوم البرتقالي، وهذا العام، تقوم (حملة اتحدوا) بمواصلة اليوم البرتقالي لمدة 16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على الجنس، اعتباراً من 25 تشرين الثاني (اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة) حتى 10 كانون الأول (يوم حقوق الإنسان).

وقد تم تحديد يوم الخامس والعشرين من تشرين الثاني إحياءً لذكرى الاغتيال الشنيع، في عام ،1960 الذي استهدف الأخوات الثلاث ميرابيل اللائي كنّ من الناشطات السياسيات في الجمهورية الدومينيكية، وذلك بأمر من الديكتاتور الدومينيكي رافائيل تروخيلو (1930-1961).

لماذا الاحتفال بهذا اليوم الدولي؟ العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان.

ينجم العنف ضد المرأة عن التمييز ضد المرأة قانونياً وعملياً، وكذلك عن استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين، ومن الآثار السلبية للعنف ضد المرأة إعاقة التقدم في العديد من المجالات، مثل القضاء على الفقر ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والسلام والأمن. والعنف ضد المرأة والفتيات ليس بالأمر الذي لا يمكن اجتنابه … فمكافحته أمر ممكن وحتمي.

يبقى العنف ضد المرأة وباءً عالمياً. وتعاني أكثر من 70 في المئة من النساء من العنف في حياتهن.

العدد 1105 - 01/5/2024