مأساة سائقي التكسي والزبائن

مأساة سائقي التكاسي في سورية لا تقلّ عن مآسي الزبائن الذين يرتادونها ويستاؤون من الأجرة الهائلة التي لا تتناسب مع المسافة أو مع الرواتب والأجور.. والمأساة لا تقف عند المماحكة الدائمة مع الزبائن والنقاش حول غلاء الأجرة وتناسب ذلك مع البنزين والانتظار لساعات طوال من أجل (تنكة) بنزين، والوقوف أمام الحواجز، وعرقلة السير، وما الى ذلك من حديث لا يتوقف كل مشوار للسيارة ومع كل زبون..

المأساة الحقيقية تتسبب بها شرطة المرور، وهي مأساة من نوع آخر لا يمكن غض النظر عنها أو الحديث حولها كمشكلة عامة، وقد سمعت العديد من الشكاوى لكن لم يخرج أي مسؤول ليضع حدّاً لتجاوزات شرطة المرور التي أصبح السائق يرصد ميزانية من أرباحه ليخصصها بين رشوة أو غرامة تتجاوز أرباحه كلها خلال الشهر بأكمله!

رغم أن المخالفات واضحة في قانون السير، وكذلك الغرامات، لكن تطبيق هذا القانون يثير مشاكل متعددة، خاصة أنه لا يطبق على الجميع بشكل متساوٍ أو عادل، ويطبّق في ظروف صعبة قاهرة  تشهدها المدن السورية، فما معنى أن تطبق مخالفة تتعلق بمظهر السائق الحسن في ظل انعدام الماء والكهرباء والفقر وازدياد الحاجة لأولويات الحياة؟! وما معنى أن تصدر مخالفة تتعلق بانتقاء السائق لراكبيه بطريقة عشوائية، إذ يفلت من أيدي شرطة المرور السائقون الذي يرفضون إيصال الزبون إلى مكان ما إلا حسب إرادتهم وظروفهم، وبالوقت نفسه يحاسبون سائقاً بالمخالفة نفسها إذا سمح لعدد من الزبائن المتفرقين بالركوب معه للذهاب إلى مكان بخدمة تشبه سرفيس تكسي، وهي تعتبر مساعدة للزبائن لأنها تقسّم الأجرة فيما بينهم، لكن إذا اصطاده الشرطي يمكن أن يخالفه بحجة انتقاء الزبائن، وهي تصل إلى ثمانية آلاف ليرة سورية!

في شكوى لأحد السائقين قال في أحد الأيام أوقفه شرطي مرور وقال له: (والله لا أعرف ما المخالفة التي سأضعها لك، أعطني 500 ليرة وتابع سيرك) وطبعاً أذعن السائق لذلك الشرطي فالقلم والدفتر بيده ولا أحد يراقب ولا ملجأ إلا أن يدفع الغرامة، فلينفذ بريشه بمبلغ يحميه من الذهاب إلى فرع المرور لدفع المخالفة التي قد تكتب له.

ولا ننسى أنه قد وضعت قواعد وإرشادات في قانون المركبات. تتعلق بواجبات شرطة المرور، لكن طبعاً لا يتم التقيد بها في أغلب الأحيان وهي: احترام المواطنين والتصرف تجاههم بهدوء وحنكة وحكمة، مراعاة أصول المخاطبة مع السائقين عند إيقافهم لمركباتهم المخالفة وتقديم التحية للمواطنين لأن ذلك احترام للقواعد التي يعمل من أجلها، تقديم المعلومات التي تطلب منه للمواطنين وللسواح  الأجانب، يجب أن يفهم المواطن ماهية المخالفة بصورة واضحة، على الشرطي أن يقدم اسمه ورقمه ومكان عمله عندما يطلب منه ذلك، إن مظهره الانضباطي الجيد تجاه الناس له تأثير كبير على انصياعهم لتنفيذ القانون وتطبيق النظام.. ويجب مساعدة الشيوخ والأطفال والعجز ففي ذلك عمل إنساني قبل أن يكون وظيفياً، ذلك أن مهمته ليست محصورة بتنظيم المخالفات وإنما هي بتنظيم المرور ومساعدة الناس. فهل يدري شرطة المرور واجباتهم؟ وهل يخرج أحد من المسؤولين لتقييد ومراقبة عملهم؟

 فهذا من حق المواطن وضرورة في ظل الظروف الراهنة التي تزداد فيها الحاجة الى تطبيق القانون بليونته وبالحق، ففي إحقاق العدل حماية للجميع من زبائن أو سائقين.

العدد 1107 - 22/5/2024