الرعاية الذاتية وأدوات مساعدة الذات

تعني الرعاية الذاتية كتعريف، بأنها محافظة الفرد على صحته الشخصية (النفسية والبدنية)، فهي أي  نشاط من فرد أو أسرة أو مجتمع بغية تحسين الصحة أو استعادتها أو معالجة المرض أو الوقاية منه.

وتشمل الرعاية الذاتية كل القرارات الصحية التي يتخذها الناس (كأفراد أو مستهلكين) لأنفسهم أو لأسرهم للحصول والحفاط على صحة سليمة جسدياً وعقلياً.

إن دعم الرعاية الذاتية مهم جداً، ولتمكين الناس من القيام بتعزيز الرعاية الذاتية يمكن مساندتهم بالعديد من الطرق والموضوعات إن كان على صعيد أفراد أو مؤسسات أو المجتمع بأكمله من خلال: إطالة العمر عبر الوقاية من الأمراض، وهذا يتضمن (النظافة الشخصية – الأكل الجيد – المداواة – الفيتامينات – ممارسة الرياضة واللياقة البدنية – الاهتمام بالأمراض والحالات البسيطة والطويلة المدى – تجنب ما يضر بالصحة بشكل عام). وبرامج تدريب عن مهارات الحياة وإدارة الذات، وتوفير المساعدة من الناحية الروحانية أو الدينية. وعمل شبكات لدعم الرعاية الذاتية  التي يمكن ان تكون وجهاً لوجه أو افتراضية، والتي تتضمن الأقران أو الناس الذين يرغبون بمساعدة الآخرين  أو تلقي معلومات ومساندة من الآخرين، والنوم المنتظم، والتدريب على مهارات إدارة الضغوط والأزمات الشخصية. واستخدام الأدوية الذكية التي تقوي الذاكرة أو الذكاء أو القدرات المعرفية.

لكن لو أردنا أن نتحدث عن أدوات مساعدة الذات من منظور علماء النفس والاجتماع والبرمجة اللغوية العصبية، سنجد بأن أول خطوة في مساعدة الذات هي معرفتها واستبصارها، ومن هنا بدأنا من (اعرف نفسك) التي كانت المنطلق لأهم الكتب والنظريات، فمعرفة الذات بسلبياتها وإيجابياتها تساعدنا في السيطرة عليها وبالتالي السيطرة على أفكارنا وسلوكنا ومشاعرنا.

إذاً يمكنك تغيير حياتك من خلال تغيير أفكارك وعاداتك الذهنية، فمن أهم ما توصل إليه علم النفس في العشرين عام الأخيرة هو اكتشافه بأن الإنسان يستطيع تغيير طريقة تفكيره (بالتالي تغيير مشاعره وسلوكه والسيطرة عليها.

نحن نساوى مجموع أفكارنا، بالتالي فإن تغيير الأفكار يؤدي إلى تغيير الحياة المقدر لك أن تعيشها، وهذا يؤكد بأنه لا يمكن أن تؤدي الأفكار والسلوكيات الجيدة إلى نتائج سيئة أبداً والعكس صحيح، لذلك يقول صامويل سمايلز ( بأن الثورة الحقيقية تحدث داخل رؤوس الناس).

جميع كتب مساعدة الذات ترفض قبول أن (التعاسة العامة لدى الناس) أو (الاكتئاب الصامت) هو نصيب الإنسانية وقدرها المحتوم، بالرغم من أن هذه النظريات والكتب تسلم بصعوبة الحياة وانتكاساتها، لكنها تقول إن هذه الصعوبات والانتكاسات  لا يجب أن تشكل طبيعة حياتنا، ومهما كانت قسوة الموقف الذي نواجهه نستطيع دوماً تحديد معنى ذلك الموقف بالنسبة لنا، وبالتالي فإن مساعدة الذات لديها توجه أساسي هو أننا نستطيع التحديد الواعي لما نفكر فيه وعدم السماح لجيناتنا الوراثية أو بيئتنا أو الظروف التي تحيط بنا أن تحدد مسيرتنا في الحياة، لذلك فإن مساعدة الذات لا تتعامل مع المشاكل بل تتعامل مع الإمكانات والقدرات الموجودة عند الفرد، وتعمل على تقليص الفجوة بين إحساسك بالخوف وشعورك بالسعادة أو حتى إلهامك أن تكون شخصاً أفضل.

العدد 1105 - 01/5/2024