المرأة رمز العدالة الاجتماعية

(منذ فجر التاريخ كان يرمز للعدالة بامرأة معصوبة العينين تحمل ميزاناً. استخدم هذا التعبير عبر قرون عديدة وحضارات مختلفة، وذلك لدلالته القوية ومعناه الواضح. فالعدالة هي امرأة لأنها راجحة العقل ورحيمة، وتحمل ميزاناً دلالة على الحكم العادل الذي يوافق حجم الجرم المرتكب، فلا هو أزيد ولا هو أقل، أما كونها معصوبة العينين فدلالة على النزاهة، أي أن العدل لا يحابي أحداً أو يميل لآخر طبقاً لأهوائه الشخصية. وفي داخل قاعات المحاكم توضع هذه الصورة للمرأة معصوبة العينين التي تمثل العدالة لتذّكر العاملين بقطاع القضاء بالعدل للجميع)، لكن، مع مرور الزمن، وبحكم التطور الذي طرأ على وعي الإنسان واكتشافه لأدوات القتال والصيد والزراعة وسواها، وبعد مجيء الديانات السماوية التي عزّزت السيطرة الذكورية في المجتمع من خلال أسطورة التفاحة، وصولاً إلى (الرجال قوّامون على النساء)، بدأ يخبو نجم المرأة ودورها الهام في المجتمع، لتغدو أسيرة المعتقدات والقيم الدينية والاجتماعية التي لم تنصفها يوماً، ولم تنظر إليها سوى من خلال أنوثة مهمتها الطاعة والمتعة واستمرار النوع، باعتبارها ناقصة عقل ودين..!  من هنا بدأ ميزان العدالة التي كانت المرأة رمزاً قوياً له بالاختلال، وسادت المجتمع أنواعٌ مختلفة من التمييز والعنف الذي دفع بالمرأة مُجدداً للمطالبة بإنسانيتها وحقوقها المسلوبة والمهدورة، إضافة إلى المطالبة بتجذير المساواة بين الناس من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الحقيقية القائمة على حقوق وواجبات متساوية بين الجنسين استناداً إلى الدساتير الوطنية، وإلى الشرعة الدولية باتفاقياتها المختلفة، عسى أن يعود ميزان العدالة الاجتماعية للتوازن يوماً.

العدد 1107 - 22/5/2024