دعونا نحبّ الوطن..

أيام قليلة تفصلنا عن عيد الحب (الفالنتاين)، إذ تستنفر المحال التجارية وتتزين واجهاتها باللون الأحمر ويتسابق العشاق لشراء الورد الجوري الأحمر، وتتراقص كلمات الحب على شفاه المحبين صابغة مشاعرهم باللون الأحمر، في وقت بات اللون الأحمر جزءاً من إعلامنا مصحوباً بلحنٍ ذي نغم أسود.

وعند ملاحظة إقبال الناس على شراء الهدايا في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية نتساءل عن الدافع لشراء كل هذه البضائع خلال أيام قليلة، خاصة ونحن نعيش هذه الأجواء المحتقنة المضغوطة بسبب التهديدات الأمنية المتفاقمة..!

نتساءل أيضاً هل يمضي عيد العشاق هذا العام مصحوباً بالورد الأحمر؟، أم نحمل في أيدينا غصن زيتون أخضر مصحوباً براية محبة بيضاء ليكون العيد عيداً لحبِّ الوطن، بدل أن يكون ساحة لإراقة الدماء؟!

إن الاحتفال بالحبّ لا يعدّ نظراً لظروف السوريين ترفاً زائداً أو مضيعةً للوقت، بل هو حاجة حقيقية تنبع من القلب والروح، حاجة لاستحضار الحب.. حب الوطن والحب بين الناس، وبصيغة أخرى نحن بحاجة إلى اختراع الحب الذي باتت مدننا بأشد الحاجة إليه.

فالوطن مثل أي حبيب نحميه بالمحبة والمعرفة والاهتمام، من المطامع الخارجية، ومن عبث البعض وفسادهم من الداخل، وهو ما يتطلب منا العمل على كل المستويات والصعد والبدء بمناقشة خططنا ومراجعتها، وإعادة حساباتنا تجاه الكثير من القضايا المحورية التي تهم مستقبلنا ومستقبل التنمية الغائبة والاستقرار القلق في بلادنا، مثل قضايا الفقر والبطالة، وحقوق المرأة والتعليم والإسكان وانتشار السلاح بين الشباب وغيرها الكثير من القضايا، ولكن يبقى على رأس الأولويات حالياً وقف العنف والبدء بالحل السياسي الذي يكفل حقن دماء السوريين، فالحرب التي نعيشها في سورية منذ أربعة أعوام تتطلب منا أن نكون بقلب واحد وأن نحتمي بدفء الوطن ورايته، وألا نفسح للآخرين مجالاً يستغلوننا من خلاله، فحبّ الوطن هو مرساة خفية تشدنا إلى قاع من المواطنة البناءة، بيد أن هذا الحب لابد أن يترجم عملاً وجهداً يقدمه المواطن لوطنه، وحقوقاً يسعى إلى المحافظة عليها وصيانتها، وهو ما يسمى بصدق الانتماء، يتجاوز فيها المرء الانتماءات الفكرية، والولاءات المنقطعة، إلى وطنية حقيقية.

إنَّ حب الوطن والولاء والانتماء والتضحية بأرواحنا من أجله ليست كلمات سهلة، أو شعارات نرددها في المناسبات والأعياد الوطنية فقط، بل هي أسلوب حياة يجب أن نتبعه من أجل الوصول إلى سورية التعددية الديمقراطية التي ننشدها ونتمكن بعد ذلك من الحفاظ عليها.

ففي عيد الحب دعونا نفتح قلوبنا على مصراعيها للأخوّة السورية باستدعاء طاقة الحب التي لا تخلو دواخلنا منها.. فنحن شعب نحبّ الآخر فكيف لا نتحابب فيما بيننا.. وتعالوا ننتصر للوطن في عيد الحب.. ننتصر للوطن في أعماقنا.. نبعد الشر عن سورية، فبالحبّ وحده، وبالتضامن فيما بيننا، يرتقي وطننا.. وطن السلام.

العدد 1105 - 01/5/2024