دور المرأة السورية في مواجهة الأزمة

عندما نذكر المرأة، تنهال على أذهاننا صور كثيرة عن الواقع الذى عاشته وتعيشه النساء فى الوطن العربى والعالم، فقد تعرضت المرأة منذ أن خلقت إلى حالة من التمييز، أدت لتقييد حقوقها وحرياتها، بعض هذه القيود نبعت من عادات وتقاليد وأعراف ترسخت وتغلغلت فى المجتمعات، حتى أضحت بمثابة قواعد قانونية تعاقب وتحاسب كل من يخرج عن نطاقها.

ولم تكن تضحية المرأة السورية أقل منها عالمياً، فقد ناضلت وكافحت من أجل الحصول على حقوقها وحرياتها بشتى الوسائل، وسعت جاهدة لتكون إحدى الدعائم التى تسهم فى تطور المجتمع وتحقيق استقلاله، وعملت مراراً وتكراراً لإظهار بلادها بالصورة الأمثل على مستوى العالم.

أثبتت المرأة السورية للعالم أجمع في ظل الأزمة التي تعيشها سورية، أنها النموذج المقاوم لقوى البغي والظلام التي تود سحقها، فهى كعادتها تقاوم بكل ما لديها من وسائل وأساليب رغم الآلام والجراح التى تعصف بها، فمنهن من رأت بأم عينيها كيف فقدت أبناءها وفقدت عائلتها وبيتها الذي كان يأويها، وراحت تركب قوارب الموت عبوراً لدول أخرى بعيدة عن الحرب، ولم تقتصر آلام العشتار السورية على ذلك، فقد نالت بعض أقلام الصحافة العربية والعالمية من هيبتها وسمعتها، وجعلت منها لقمة سائغة لمن يريد فى دول اللجوء، تحت مبررات وادعاءات الإسلام، والستر عليها.

ولم تكن الدراما السورية بعيدة عن تصوير المأساة التى تتعرض لها المرأة فى ظل الصراع القائم، فقد تطرّقت من خلال مسلسلاتها الاجتماعية إلى الواقع، المرير الذى تعيشه كل فتاة على أرض سوريا، ومن الأعمال التي تذكر بهذا الصدد زمسلسل حائراتز للكاتب أسامة كوكش والمخرج سمير حسين، وهو من الأعمال الدرامية التى عرضت على شاشات التلفزة، حيث سلط الضوء على الآثار السلبية للحرب، ورصد مجموعة من المشكلات التى تواجهها المرأة، كما صور حياة الفتيات اللواتى يتعرضن فى سن مبكرة لما يسمى (العنوسة)، نظراً لفقدان العديد من الشباب وسفرهم إلى خارج القطر بسبب الأزمة الراهنة، (كالدور الذى أدته الفنانة ميسون أبو أسعد فى شخصية (نسرين)، ونقل المسلسل أيضاً معاناة الفتيات اللواتى أصبحن يوافقن على شروط الشباب المجحفة أحياناً، ويتخلين عن 90% من حقوقهن، من أجل الزواج والتخلص من كلام المجتمع ووصفه لهن بالـس (عوانس)، (كالدور الذى أدته الفنانة هلا يماني فى شخصية رؤى).

وتناول مسلسل زنساء من هذا الزمنس للكاتبة بثينة عوض والمخرج أحمد ابراهيم أحمد، قضية المرأة فى المجتمع ومعاناتها التى تفاقمت فى ظل الأوضاع الراهنة، حيث جسدت فيه الفنانة أمانة والي شخصية فريدة، تلك الشخصية المناصرة لحقوق المرأة، والداعية لتفعيل دورها السياسي والاقتصادي والتربوي في المجتمع بعيداً عن التمييز بينها وبين الرجل، كونها حجر الزاوية فى بناء أي مجتمع بدءاً من تربيتها السليمة لأولادها ومن ثم دفعهم للانخراط في المجتمع ليكونوا عناصر فعالة، وانتهاء بتقلدها المناصب الرفيعة والحساسة فى الدولة لتسهم في قيادتها.

ولم ننسَ وسائل الإعلام السورية المقروءة والمسموعة، التي ما زالت تراقب عن كثب كيف يتهمش ويتآكل دور النساء السوريات في الحياة، من خلال مقالاتها وأخبارها اليومية وحواراتها وبرامجها الإذاعية.

العدد 1107 - 22/5/2024