برزة البلد.. هل هي مصالحة حقيقية أم سياسة «حط بالخرج»؟!

تكاد برزة البلد تتجاوز قرابة العام في حضن الوطن بعد نجاح المصالحة الوطنية التي جرت فيها، بعد سنتين ونيف من حرب ضارية دمرت البشر قبل الحجر، ومنذ بدء تلك المصالحة عاد إليها عدد كبير من سكانها وباشروا على الفور أعمال الترميم ونفض غبار الحرب عن كاهل ما تبقى من البيوت، وترميم وبناء ما تهدم.

 ولكن، مثل جميع المناطق التي جرى وتجري فيها المصالحات الوطنية، يبقى هناك العديد من إشارات الاستفهام دون إجابات واضحة، فقد تحدث العديد من السكان عن ممارسات يتعرضون لها، منها ما هو قديم نسبياً ومنها ماهو جديد، وقد تكون ممارسات فردية لكنها مشاكل يجب إيجاد حلول لها بشكل سريع ومباشر، فهناك خوف كبير لدى السكان العائدين من عودة الأمور لحالة الحرب، مما يضطرهم للخروج من منازلهم وعيش ذل النزوح مرة أخرى.

أولى تلك المشاكل ذكرها أحد سكان الحي في لقائنا معه، فقال: ينتشر في برزة العديد من السيارات بلا نمر، حتى أن بعض السيارات (مفيّمة) بالكامل ومنها ما يضع أعلاماً سوداء وشعاراتلا إله إلا الله، ويتابع: لا يُزعجنا ما هو مكتوب على تلك السيارات، لكن خوفنا مما هو موجود داخلها، ولماذا هي بلا نمرة ومن يقودها وإلى أين؟!! خاصة أن منطقة برزة البلد بالذات ذاقت ما ذاقته من دمار بتفجيرات السيارات المفخخة. أيضاً حدثتنا مواطنة تشتكي من وجود السلاح الذي أصبح مشاعاً في برزة ويحمله الصغير قبل الكبير بطريقة تدل على عدم وعي بكيفية استخدام ذلك السلاح، وذكرت لنا عدة قصص عن مشاجرات تطورت لاستعمال الأسلحة النارية ليس في برزة وحدها بل حتى في منطقة مساكن برزة ومسبق الصنع وحي تشرين، وكيف أن الأمور كادت أن تذهب لما هو أسوأ لولا وعي بعض كبار الحي واحتواء ماحصل قبل وصوله إلى نقطة لا رجوع عنها.

هذا عدا عدة حالات خطف حدثت في الحي وبالقرب من شارع قصر الحنبلي وعلى أوتستراد حاميش. إضافة إلى أن منطقة البساتين أو كما يسميها أهل برزة بمنطقة الحقول يوجد فيها أبنية خارجة عن نطاق المصالحة ولا أحد يعلم من فيها ولا ماذا يجري داخلها؟!!

في النهاية، نحن نشكر جميع الأطراف التي شاركت في المصالحة، والمساعدة على عودة الأمن والأمان للمنطقة، ومد يد العون للسكان أثناء عودتهم إلى منازلهم، ونخص بالشكر مديرية التربية وما أولته من عناية وإهتمام في إعادة دوران عجلة التعليم كما كانت عليه وبسرعة قياسية بالإضافة لوزارة الكهرباء والمياه والصحة.

عملية المصالحة لا تنحصر بوزارة واحدة أو لجنة منفردة، هي عملية متكاملة بين مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية، واستمرارية هذه العملية ونجاحها، تتطلب تحمل المسؤولية في حماية هذا الحي والتمسك به للحفاظ على ما تبقى منه وعدم جرّه مرة أخرى إلى حرب لا تحمد عقباها، خاصة في ظل كثرة المتربصين بتلك المصالحة من دعاة الدمار والتخريب، والمستفيدين من نشر الخوف والرعب.

العدد 1107 - 22/5/2024