بانتظار جلاء الدم والدمار

يحلُّ عيد الجلاء والذي كان قبل سنوات أربع مضت، يحمل لنا الفرح ونشوة الحرية والاستقلال، مثلما يحمل لنا أزاهير الحياة المبشّرة أبداً بالخير والعطاء واستمرارية الحياة.

للعام الخامس على التوالي، تحلُّ ذكرى الجلاء باهتة وحزينة، لأن ما نعيشه اليوم، قد طمس كل معالم الفرح والفخر والاعتزاز، كما طمس معه كل إمكانية لإحياء ذكرى الجلاء على روابي الجولان، ذلك الطقس السنوي الذي كنّا ننتظره بكثير من الشوق والفرح، عنواناً لعزّتنا واستقلالنا، ومناسبة تصدح فيها حناجرنا بأغانٍ باتت اليوم مثار حزن وألم على صعيدين: الأول: على عيد يلتقي فيه جميع الأصدقاء والرفاق من كل أرجاء البلاد، ليكون الأمل أنشودة الجميع، بمستقبل حافل بالاستقلال الناجز على كافة الصعد والاتجاهات، فنرتقي ببلدنا لمصاف الدول العلمانية المتحضّرة، فتسود المواطنة الحقيقية، تلك المواطنة التي ناضل من خلالها أبطال الاستقلال والثورة السورية الكبرى، والذين أرغموا المحتل على الخروج صاغراً ، لينعم السوريون على اختلاف مشاربهم بالحرية وبناء دولتهم الحديثة.

والثاني: على استمرار حرب عبثية لا طائل منها، دمّرت الإنسان والوطن، وكل إمكانية للنهوض من تحت ركام تلك الحرب التي فتحت جميع الأبواب لأولئك الطامحين بعودتنا إلى عصور التخلّف والتبعية التي تريد طمس تاريخنا وحضارتنا، مثلما تريد طمس هويتنا وانتمائنا، لتُعزز انتماءات ضيّقة الآفاق والأبعاد، تعمل على شرذمة المجتمع والبلاد كي تسهل عليها السيطرة على مقدراتنا البشرية والطبيعية.

لذا، وفي ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي، ما زلنا ننتظر جلاء الدم والدمار عن بلادنا، كي ننهض ثانية لبناء وطن العلمانية والمواطنة والقانون.

العدد 1105 - 01/5/2024