الجيش بدأ بطرد الإرهابيين من القلمون

بوتين يؤكد الدعم الروسي… ومحادثات في موسكو تمهيداً لجنيف 2

 

تزامن الحراك السياسي الدائر في فلك جنيف 2مع تطورات ميدانية كان أبرزها تقدم الجيش العربي السوري في الضواحي الجنوبية للعاصمة، ودحره الإرهابيين في مناطق جديدة من حلب، وبدء معركة القلمون، التي يحسب لها الإرهابيون وداعميهم الخليجيين ألف حساب وحساب.

وفد حكومي سوري رفيع المستوى وصل إلى موسكو لمتابعة التحضير لعقد المؤتمر العتيد، والجهود الروسية لعقد لقاء تمهيدي بين أطياف المعارضة تجري على قدم وساق، رغم العراقيل التي يضعها (الائتلافيون) المنقسمون بين راضخ للضغوط الدولية، ونافخ في نار التصعيد الإرهابي التكفيري، الذي يترجم على أرض الواقع بمزيد من القتل والتخريب واستهداف الأبرياء بقذائف الهاون التي تنهال على البيوت والكنائس والمساجد.

وتزداد قناعة المجتمع الدولي بأن البديل عن الحل السياسي في جنيف ،2 سيدخل سورية والمنطقة في نفق الإرهاب الأسود.. وتراجعت العديد من الدول الأوربية عن مواقفها المساندة ل(الائتلاف) بعد ازدياد مخاطر تشظي الإرهاب الأسود إلى دول الجوار.

الجهود الروسية تتركز حالياً على هدفين اثنين:

الأول متابعة التنسيق مع الطرف الأمريكي والمبعوث الأممي، لتحضير ورقة عمل توافقية تلخص الهدف النهائي لجنيف ،2 المتمثل بإنهاء الأزمة السورية.. والثاني إقناع المعارضة السورية و(الائتلاف) بضرورة ملاقاة الجهود الدولية باقتراحات ومبادرات واقعية، ودون شروط تعجيزية تطيح بتلك الجهود. وجاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيسين بوتين والأسد لتعطي التحضيرات لهذا المؤتمر دفعاً جديداً من جانب، وتؤكد، من جانب آخر، صلابة الموقف الروسي في تأييده لتماسك الدولة في سورية، وضرورة إنهاء معاناة المواطنين السوريين، وسبل مساعدة الحكومة السورية بتقديم المساعدات الإنسانية والصحية للمتضررين والمهجرين قسراً.

تركيا التي أسهمت بقسط كبير في تكوين المجموعات الإرهابية في سورية ودعمها، بدأت تعلن تنصّلها، بل تضيّق مجال التحرك أمام هذه المجموعات، دون أن تتخلى عن طموحها السياسي و(التوسعي)، الذي فشل فشلاً ذريعاً في تونس، وليبيا، ومصر.. فنموذجها الإسلامي الذي أرادت فرضه بمباركة الأمريكيين والأوربيين، يتعارض مع تطلعات الشعوب العربية إلى مجتمع ديمقراطي.. تعددي.. علماني.

ونعود هنا إلى تأكيد ما سبق أن طالبنا به في مقالات سابقة على صفحات (النور)، وهو أهمية التزامن بين الجهود الدولية لإنهاء معاناة السوريين عبر عقد جنيف ،2 والجهود الحكومية التي نرى أن تتركز في الجانب السياسي على الانفتاح أكثر فأكثر على قوى المعارضة الوطنية، التي وقفت في مواجهة التدخل الخارجي والإرهاب والتفتيت الطائفي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين، على خلفية الأحداث ممن لم تتلوث أيديهم بدماء السوريين، وتفعيل القوانين الصادرة التي تطلق الحريات في إطار الدستور الجديد، وفي الشأنين الاقتصادي المعيشي والإغاثي الإنساني.. ونرى أهمية تمركز الحكومة على تخفيف معاناة السوريين.. فرغم الجهود التي بذلتها الحكومة، مازال المواطن يرضخ دون حول ولا قوة لحفنة من المحتكرين وبعض التجار والمضاربين في الأسواق السوداء، الذين يُحيّدون، بهذه الطريقة أو تلك، جميع الجهود الحكومية لتخفيض أسعار السلع الأساسية لمعيشة المواطن، رغم الانخفاض النسبي لسعر الدولار أمام الليرة، مما يستدعي دون إبطاء وضع التشريعات اللازمة لتدخّل الحكومة الفعلي في العملية الاقتصادية، وعدم ترك المواطن أمام طغيان السوق الحرة من جميع القيود الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.. كذلك نرى ضرورياً تكثيف الحملات الإغاثية الحكومية المتشعبة معيشياً وصحياً، خاصة بعد ظهور أمراض وبائية تخلص منها السوريون منذ عقود، وتحسين ظروف المهجرين في مراكز الإيواء والمجمعات الإغاثية المؤقتة، والتنسيق في ذلك مع المنظمات الدولية.

جماهير الشعب السوري متفائلة أكثر من أي وقت مضى بقرب انتهاء معاناتها، وبخاصة أن الجهود السياسية تسير جنباً إلى جنب مع تقدم الجيش العربي السوري إلى مواقع جديدة، في معركته ضد الإرهاب التكفيري الإقصائي.

نحن نثق بقدرة الشعب السوري، بجميع مكوناته السياسية والاجتماعية والإثنية، على التوافق حول مستقبل بلاده، الذي لن يكون إلا ديمقراطياً.. تعددياً.. علمانياً.. معادياً للإمبريالية الأمريكية والصهيونية والرجعية السوداء.

العدد 1105 - 01/5/2024