في عيد العمال… أين العمل.؟

في يومنا نحن (العمّال) لم نحتفل..! وما لعيد الأمّ طعم دون الأمّ..!؟

لنسمّه إذاً عيد البطالة العالميّ لنحتفل به جميعنا !

عاش المواطن السّوري طيلة حياته يبحث عن عمل _علّه يحتفل بذاك العيد يوماً ما _!

يهرول ليلاً نهاراً ليحصل على لقمة العيش ..

لم يكن الخيار لك في اختيار واقعك السيئ  كمواطن سوريّ أقصى حلمه أن لا ينام جائعاً، أو أن يمرّ عليه شتاءٌ ما دون أن يشعر بذلّ عريه !! ينام وسط أحلامه على سماع بكاء أطفاله …

أطفاله الصغار الذين يكبرون ليصبحوا طلّاباً (ناهشين للمال)  إن كان موجوداً!

طلّاب العلم أم العمل؟!

ترعرع صغارنا على الجملة المعتادة  بالعامية: (روح اشتغل شي شغلة تطالع منا مصاري، الشهادة ما  بتطعميك خبز بكرا …) !!!!!

وصلنا اليوم بفضل من قال تلك الجملة إلى أن يكون المعظم الأعظم من شبابنا غير متعلّم !!

وبالطّبع ليبحث عن ذاك العمل الذي يأتي له بالمال، وبالتأكيد الذي لم يجده بعد!

أما الأقليّة من المتعلمين الذين لم يعطوا تلك الجملة أي انتباه، وتابعوا في طريقهم، فلاقوا حتفهم في النهاية.. شهادتهم لم تفِ بالغرض!! غصّت الجدران بها!

(لم تجدوا لنا وظيفة، إذاً أوجدوا لنا جدراناً لتعليق الشهادات!)

كَبُرَ الصغار إلى أن أصبحوا شباباً ليرثوا من آبائهم الفقر من جديد، ليتعاركوا مع الحياة بقصّة عناء لن تنتهي..

أنا المواطن السوريّ ضمن حدود بلدي لم أجد عملاً…!

وإن وجدت، فالبطالة أرحم..!

أرباب العمل هم طموح الشباب في هذا الواقع الذي بُتِرت الأحلام فيه وهي في ريعان شبابها!

الحلم الأكبر، هو عملك عند أولئك الأرباب، لتجمع ثمن قوتك الجديد والألذّ والأكثر موتاً على الإطلاق (التبغ أو الدّخان) إن كنت عزيزي الشاب غير مرتاح لأنك لم تسافر، فاطمئنّ وأنت في بلدك تعيش الغربة !

في يوم عملك الأوّل ستشعر بأنّك صاحب العمل نفسه لفرط فرحتك بأنك وجدت فرصة قد لا يجدها غيرك، وسرعان ما يتوارى هذا الشّعور ليختبئ خلف الواقع الأبشع لاستعبادك اليومي، لتعود فجأة إلى عصر عنترة وما قبل الجاهلية في ذاك العصر العنصريّ المتخلّف الذي نعيشه الآن لكن بالألوان، وليس بالأبيض والأسود !! وبما أنّك سوريّ، لا تخضع للعبوديّة إلا من الكبار بحقّ، فلن تقبل بواقع كهذا، وسترحّب ببطالتك من جديد!

أما الوجه الآخر للعملة فهو:

هل التكنولوجيا أصبحت دخيلاً؟!

لم يعد هذا الجيل جيل علمٍ بحت أو عملٍ بحت…

في زمنٍ تطوّر به الواقع إلى أقصاه في دول الغرب، سمعنا برأي ابن خلدون في نظريّة التّقليد وقلّدناهم !!

(زيت ومي بحياتن ما اجتمعوا)!!

أخذنا منهم المقادير ونسينا الطّريقة وكيفيّة تطبيقها..

هم استخدموا التكنولوجيا في التقدّم، ونحن استخدمناها في الرّجوع إلى الوراء!

أصبحت أساسيّات يومنا العبث واللّهو بالتكنولوجيا، والتّمتّع بأكبر وقت ممكن من خلالها حتّى لو على حساب العلم والعمل!

البطالة على الأبواب

وبما أننا شعبٌ مضياف بالفطرة، لم نغلق الباب بوجهها…

على الرحب والسّعة!

العدد 1105 - 01/5/2024