إلى العمل…

(الحب والعمل عماد البشرية)  

فرويد

 العمل هو الحق الطبيعي لكل فرد في هذه الحياة، فالعمل هو محرك العقل والجسد والنفس، العمل هو الذي يجعلنا نرى ذواتنا تتطور، ونرى آمالنا تتحقق، ونطبق علمنا وخبرتنا التي اكتسبناها تنجز وتطبق.

فلولا العمل والعمال لما تطورت البلدان، فهم عماد الاقتصاد وأصل الثروات.

اعتاد أرباب العمل منذ غابر الأزمان استغلال العمال لديهم، يتحكمون بوقتهم وأجرهم ومستقبلهم وقوت يومهم. وفي هذه السنوات نجد آلاف العمال بلا تأمينات بأي مجال وبأي درجة من درجات التأمين، أو نجدهم بلا قانون يحميهم بحق، أو نجدهم يعملون ليقتاتوا فقط.

هناك قوانين عادلة طبعاً، لكن ليس هناك من يتابع هذه القوانين فيجبر أرباب العمل على تطبيقها، عدا الحيل التي يستعملها أصحاب المعامل والشركات كي يتجنبوا تلك القوانين، فإما يكذبون بعدد العمال، أو بعقود أجورهم، أو بسندات استقالاتهم… وما شابه.

تأسست الجمعية الوطنية لحماية العمال في بريطانيا عام ،1831 وفي عام 1834 أسس روبرت أوين النقابة الموحدة الوطنية العظمى، وطبعاً كانت هناك مجابهات مع الشرطة بشكل دائم. انتشر التنظيم في أوربا ليبقى الدفاع عن مصالح العمال موجوداً وحقاً لهم، أما في إيطاليا فظل الإضراب ممنوعاً حتى 1889. أما القانون الأمريكي فلم يقبل التعامل مع النقابات العمالية لنهاية القرن التاسع عشر.

في عام 1866 دعت الأممية الأولى في مؤتمر جنيف إلى يوم ( ال 8 ساعات) أي 8 ساعات عمل، 8 ثقافة وتعليم، 8 نوم وراحة، ولاقت هذه الفكرة ترحيباً كبيراً لدى عمال الولايات المتحدة الأمريكية، فدعت منظمة فرسان العمل الأمريكية لتحديد يوم العمل بثماني ساعات يومياً، وكان ذلك في الأول من أيار من عام 1886 الذي عمت فيه الإضرابات والمظاهرات، خصوصاً في المناطق الصناعية، فاستاءت السلطات الأمريكية واشتعلت الثورة وبدأ التصادم وقمع العمال، وأعدم 8 عمال، بينما سجن البعض. وكان من أحد الذين أعدموا (أوجست سبايس) الذي أطلق كلمته المشهورة: سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من أصواتنا. وبالفعل توحد صوت العمال وصاروا يدافعون عن حقوقهم للعيش بكرامة وإنسانية. وبعد أن كانت هذه الاحتفالات تجري في غالبية أقطار العالم بصورة سرية، وبأساليب وطرائق على درجة عالية من الحيطة والحذر لتلافي الصدام مع السلطات، أصبحت اليوم تجري في العلن دون خوف وبمشاركة كل القوى الشعبية العاملة.

في سورية تم اللحاق بالركب، واعتمد الاحتفال بعيد العمال حقاً رسمياً وعادلاً، فكانت المناسبة يوم عطلة رسمية. وقد شارك عمال سورية في جميع الثورات ضد الاحتلال الفرنسي، وكان لهم الرأي والمشاركة الفعالة، بحكم أنهم كانوا وما زالوا أصحاب وجودٍ وقوة.

لكن، في ظل الأوضاع المتأزمة لبلدنا الحبيبة، انتهكت حقوقهم كثيراً، وتمّ استخدام التسريح الجماعي لهم من قبل أصحاب الشركات، وصار تأمين قوتهم أصعب مما سبق، بسبب ثبات أجورهم وغلاء الأسعار. لم يعد لهم الحق في الصراخ، لأن لقمة عائلاتهم في أيدي أرباب العمل، نقاباتهم لا تصل الآن لكل مكان، فبلادنا متعبة من الحصار العنف.

تجد الكثيرين الآن في بلادي بلا عمل بسبب هذه الأوضاع، لكن لا يأس مع الأمل، لذا على كل شخص فينا أن يبدأ بثورته على عقله، فيتخلص من يأسه وسلبيات الوضع، ويبدأ بإيجاد الحلول التي ستصنع له المستقبل..

ابدأ باحتياجات السوق، وبإيجاد الطريقة المناسبة لتقديم هذه الاحتياجات لهم عن طريق مشروعك الخاص الذي من الممكن أن يبدأ بفكرة، أو برأس مال بسيط جداً.. فكّر في بناء بلدك بطريقة جديدة.

العدد 1105 - 01/5/2024