العد العكسي لجنيف 2.. بدأ

وقف الإرهاب وكبح داعميه ومصدّريه

والتوافق على مستقبل سورية الديمقراطي العلماني

 

خطا التفاهم الروسي الأمريكي الأممي خطوة إلى الأمام، في اجتماع الوفود الثلاثة، إذ وضعت اللمسات الأخيرة على صيغة الدعوة إلى جنيف ،2 وتم التفاهم على قائمة الدول المدعوة إلى حضوره، باستثناء إيران التي أعلن الأمريكيون شروطاً على حضورها تتماشى مع إصرارهم على تجاهل الدور الإيجابي الذي يمكن أن يؤديه حضور إيران للمؤتمر العتيد، خاصة في ظل التوجه الإيراني لحل مشاكل المنطقة عبر التفاهم والحوار، والاختراق الإيراني الذي سمح في اجتماعات 5+1 بالتوصل إلى مدخل لحل ملف إيران النووي، والذي عزز قناعة المجتمع الدولي بإمكانية حل جميع الملفات الساخنة، وبضمنها الأزمة السورية، بعيداً عن قعقعة السلاح.

الإبراهيمي مازال ينتظر تفهّم (الائتلافيين) وداعميهم، أن جنيف 2 لن يكون مسرحاً للمناورات والسقوف المحلّقة والشروط التعجيزية التي لا طائل منها، فمصير سورية وخلاص شعبها من مآسيه، يتطلبان توافق الجميع على وضع المصالح الضيقة جانباً، والأخذ بالحسبان إنهاء الأزمة السورية سلمياً بأسرع وقت، وإلا فما من شيء يمكن التفاوض عليه بعد ذلك، مع اتضاح مرامي المجموعات الإرهابية التكفيرية وأهدافها المدعومة سعودياً، بتحويل سورية إلى كهف من كهوف الظلام، حتى لو تطلب ذلك إبادة شعبها.

إن المجازر التي ارتكبتها هذه العصابات الإرهابية القاعدية، والتي قد لا تكون مذابح مدينة عدرا آخرها، تأتي رداً، لا يحتاج إلى تفسير، على التوجه الدولي الذي ساندته الحكومة السورية لحل الأزمة عبر الطرق السلمية، فهؤلاء حددوا مساراتهم بوضوح تام في ظل تأييد ودعم سعودي علني، وصمت أمريكي يعادل في نظر الكثيرين موافقة غير معلنة على مخططهم الإرهابي الأسود بأخذ سورية إلى سيناريو (الأفغنة) الذي مازال يُغرق الشعب الأفغاني في بحر من الدماء منذ ما يقارب الثلاثين عاماً. أمام هذا السيناريو الذي يناقض طموحات جماهير الشعب السوري إلى إنهاء أزمته وبناء غده الديمقراطي.. العلماني، ما من فريق سوري يستطيع ادّعاء الحياد أو الصمت، فالصمت هنا قد يعني الموافقة على إدخال البلاد في هذا النفق الإرهابي الأسود الذي تظهر امتداداته الإقليمية يوماً إثر يوم، في محالات تفجير الأوضاع في لبنان الشقيق، وتصعيد الهجمات الإرهابية والانتحارية في العراق.

السوريون، رغم تفاؤلهم بالجهود السلمية الدولية، لن يتركوا ملف إنهاء أزمتهم الدامية رهناً لشروط (الائتلافيين)، ولا لتفسيرات بعض المعارضين في الداخل والخارج، فمصير بلادهم مرهون بتوافقهم عبر الحوار السوري – السوري الذي يضع حداً للإرهاب الإقصائي التكفيري، ويفتح الطريق أمام التغيير السلمي الديمقراطي الذي يحقق طموحات جماهير الشعب السوري إلى حياة كريمة مستقرة، في ظل نظام سياسي ديمقراطي.. تعددي.. علماني، وتوجه اقتصادي يحقق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومتوازنة تعيد إعمار سورية وتنهض باقتصادها، وتضمن توزيعاً عادلاً للدخل الوطني. وبديهي أن تحقيق هذا التغيير يستدعي تضافر جميع الجهود الوطنية، وتلاقي جميع القوى السياسية الوطنية، ويستدعي خاصة، تشكيل تحالف تلعب فيه قوى اليسار دوراً يتناسب مع نضالها عبر عقود من أجل سورية المتحررة من هيمنة الإمبريالية والرجعية.. المعادية للصهيونية، ومن أجل شعبها الذي يستحق أن يكون حراً وسعيداً.

العدد 1105 - 01/5/2024