الثقة بالنفس هي الجمال الحقيقي

 رغم أنك قد تكون وحدك الذي لم يغيّر موقفه تجاه الجمال، وبقي متشبثاً برأيه الرافض تجاه ما يدعونه عمليات التجميل، ولكننا دائماً نستخدم المفهوم الذي يورده لنا الغرب بالطريقة الخاطئة. فعندما نتحدث عن الجمال لا يخطر ببالنا سوى جمال العينين أو الشفاه والشعر، ولكن تبعاً للسياسة الرأسمالية التي تمارسها على حياتنا اليوم، فإنها نسفت ذلك المفهوم، وخلقت مفهومها المجرد من الروح والإنسانية.

ذلك أن تلك الشركات كان لها دور كبير في حياتنا، وفي أدق تفاصيلنا اليومية، فمثلاً، عندما نتابع نشرات الأخبار اليومية، نجد أن غالبية المشاهدين يتابعون تلك القنوات التي تبدو عليها هيئة التنظيم والجمال، حتى لو لم تكن ذات مصداقية عالية، لأنها ركّزت على أن تكون المذيعة أو المذيع ضمن المقاييس العالمية للجمال، وبذلك تكون قد وصلت إلى غايتها فيما يجذب عين المشاهد من أجساد متناسقة، وأزياء مغرية لافتة للانتباه، والعامل الأهم هو التركيز على مستحضرات التجميل تلك التي تزيد من هذا الجمال لإظهار الملامح المخفية لديهم.

لذا تجد أن القنوات أو البرامج المخصصة لمواضيع الأزياء والموضة والتجميل ومستحضراته، هي الأكثر انتشاراً ومشاهدة بين غالبية الناس، لأن عمليات التجميل والمستحضرات التجميلية، إضافة إلى مسابقات أو عروض الأزياء وآخر صيحات الموضة كما يسمونها في زمننا الحالي أصبحت أساساً لجيل الشباب، وانحرفت كل تلك المفاهيم عن الجمال الطبيعي، لذا ترى أغلبية الشباب قد لجؤوا إلى عمليات تجميل الأنف أو.. ولكن عبر مفهوم خاطئ عن القصد أو الهدف الأساسي من تلك العمليات التي تُجرى فقط لأولئك الذين تعرضوا لحوادث أدت إلى تشوههم، أو كان هناك تشوّه خلقي يحتاج إليها لا محالة.  وللأسف، فإن غالبية تلك العمليات لم تزد أصحابها إلاّ تشوهاً، حتى يخالجك الإحساس أنهم بتلك الوجوه الجديدة قد قتلوا تلك الروح، وتحولوا دمىً صامتة وجامدة بكل ملامحها.

والطامة الكبرى أن غالبية الناس لا يعلمون أهم قاعدة للجمال، ألا وهي (الثقة بالنفس) فإنك عندما تنظر إلى المرآة صباحاً قبل خروجك من المنزل، وتنظر إلى عينيك، فإنك سترى تلك النظرة التي تعكسها قناعاتك الداخلية بنفسك، وثقتك أنك على صواب مادمت مؤمناً بمبادئك، وأن المصالحة مع النفس أجمل ما في الإنسان على وجه الأرض.

وعلى ذلك، ليس المهم أن نتابع الموضة، أو أن نجري عمليات تجميل، المهم أن نرتدي ما يناسبنا ويناسب أعمارنا، وما دمنا بخلقة تامة، وثقتنا بأنفسنا موجودة، فليس من داعٍ لتلك العمليات التي تفقد وجوهنا روحها، وتُخفي حقيقة شعورنا وما نرمي إليه.

المهم أن نعمل ونرتدي ما يليق بنا ضمن تلك الموضة أو ذلك التطور. فالأهم ما يناسبنا، وليس ما تقتضيه (الموضة).

العدد 1105 - 01/5/2024