ثقافة التطوّع ضرورة اجتماعية وحكومية

يُعتبر العمل التطوّعي بمنهجه الإنساني والاجتماعي سلوكاً حضارياً يرتقي بالأفراد والمجتمعات البشرية، باعتباره رمزاً للتعاون بين أفراد المجتمع بمختلف مؤسساته الخاصة منها والعامة.

تاريخياً، يعتبر الصينيون القدماء هم أول من بدأ نظام التطوّع لمواجهة أخطار الكوارث، كما تعتبر بريطانيا أول من أسس فرقاً من المتطوّعين لمواجهة (حريق لندن) الذي عرف بالحريق العظيم عام 1666م، ولقد ظهر أول تنظيم للعمل التطوّعي في العالم بالولايات المتحدة الأمريكية حيث صدر عام 1737م قانون ينظم العمل التطوّعي في مجال إطفاء الحريق بمدينة نيويورك.

واضح أن التطوّع ارتبط بوجود كوارث طبيعية بدايةً، ثم شمل معظم حاجات المجتمع التي تحتاج إلى جهود إنسانية تُبذل من أفراده بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي. ويُعتبر دافعاً أساسياً من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، ودليلاً ساطعاً على حيوية المجتمع واستعداد أفراده للتفاني والتضحية.

من هنا نلمس أهمية المبادرات التطوّعية الشبابية في المجتمع السوري، التي تعمل على تقديم الخدمات المتنوعة للمتضررين والمهجرين والنازحين من مناطق العمليات العسكرية، في ظل الحرب الدائرة حالياً، باعتبارها ساهمت بتخفيف الكثير من أعباء الحكومة من جهة، وقدمت المعونة والدعم المادي والنفسي لأولئك المحتاجين من جهة أخرى.

غير أن ثقافة التطوّع في المجتمع، لاشكّ أنها ما زالت في الحدود الدنيا لأسباب تتعلق بالأفراد والحكومة معاً، أسباب لها علاقة بالوضع الاقتصادي المتردي والذي يدفع العديد من الشباب للبحث عن عمل ذي مردود مادي من جهة، ومن جهة أخرى غياب الرؤيا الحكومية المطلوبة لدعم المبادرات التطوعية أمنياً ومادياً.

لذا، على الحكومة أن تعيد النظر في أهمية وأولوية نشر ثقافة التطوّع في المجتمع، ومساندة منظمات المجتمع المدني والأهلي الساعية إلى تقديم خدمات تطوّعية تهدف إلى تنمية المجتمع وارتقائه.

العدد 1105 - 01/5/2024