مهرجان خطابي كبير في حلب احتفالاً بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي السوري

بمناسبة العيد التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، أقامت منظمة الحزب الشيوعي السوري الموحد في حلب حفلاً خطابياً كبيراً في يوم السبت 29 تشرين الثاني، وذلك في قاعة المؤتمرات في مقر فرع حلب لنقابة الأطباء، التي ازدانت بأعلام الوطن وشعارات الحزب والأغاني الوطنية والثورية.

وقد حضر المهرجان حشد كبير من الرفاق والأصدقاء ضم شيوعيين قدماء ونساء وشباباً من مختلف أحياء وأرياف محافظة ومدينة حلب، وقد مثّل قيادة الحزب الرفيق رضوان مارتيني رئيس اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوري الموحد، وعدد كبير من الضيوف ضم ممثلاً عن السيد محافظ حلب، ووفداً من قيادة فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، ووفود بعض أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وكذلك وفد من الحزب الشيوعي السوري الشقيق، وممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية الجديدة، ووفد يمثل مجلس المحافظة، ووفد من مجلس مدينة حلب، وقد حضر الاحتفال عدد من السادة أصحاب النيافة والفضيلة من رجال الدين الإسلامي والمسيحي الأكارم، وكذلك وفود من الفصائل الفلسطينية المختلفة، ومن الاتحادات والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية الإغاثية والخيرية الفاعلة على الساحة الوطنية، وقد غطى المهرجان إعلامياً عدد من مراسلي الصحافة الرسمية ومن المكتب الصحفي في محافظة حلب.

أعلنت عريفة الحفل الرفيقة لينا أشتر بدء المهرجان الخطابي بتحية للشهداء والوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواحهم على أنغام (نشيد الحزب) النشيد العربي السوري. وقد ألقيت في الحفل كلمات عديدة، وكانت البداية مع كلمة الفصائل الفلسطينية ألقاها الرفيق حسين الشويخ مسؤول فرع حلب للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين جاء فيها:

إنه لمن دواعي فخرنا أن نشارك في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، فنحن وإياكم في خندق المواجهة من أجل إعلاء كلمة اليسار.. تسعون عاماً وراياتكم المرفوعة عانقت بشموخها السماء ما تعبت ومازالت في مسار الكفاح، صوتها مدوٍّ، تصغي للرفيق حنين نمر الأمين العام لحزبكم وهو يتوجه ويوجه كلماته معلناً الحفاظ على استقلال سورية ووحدة ترابها ونسيجها الاجتماعي من أجل مواصلة المواجهة مع الصهيونية والإمبريالية التي تريد إسكات الصوت المقاوم في المنطقة العربية، وإن الأقزام التكفيريين الذي يحاولون بث الفكر الرجعي وإثارة الفتنة الطائفية والإثنية، سرعان ما سيهزمون أمام صمود الشعب السوري.

وأضاف: أيتها الشيوعيات المجيدات أيها الشيوعيون البواسل، وأنتم تشعلون شموع عامكم الجديد يقترن هذا العيد مع اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا الفلسطيني المناضل، الذي قدم ومازال عشرات الآلاف من الشهداء، وسيستمر حتى تحقيق أهدافه في العودة وانتزاع حقوقه العادلة ببناء دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وأكد أن الصراع مع العدو الصهيوني لم يتوقف منذ أن بدأ المشروع الصهيوني، لكن شعبنا الصامد في غزة وفي القدس قادر على إحباط كل المشاريع التي تحاك ضده، وهاهي ذي إرهاصات الانتفاضة الجديدة تبدأ معالمها في الظهور في القدس، وهاهي ذي نضالاته تفرض الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة وأخذ صفة مراقب، وتؤكد على حق العودة إلى دياره وممتلكاته بموجب القرار الأممي رقم 194. وأكد الخطيب أن تهجير الشعب الفلسطيني من مخيماته في سورية من قبل العصابات المسلحة لا يخدم سوى الاحتلال والصهيونية.

لقد نجحت سورية في صد الهجمات الإرهابية وفي مواجهة التكفيريين من دواعش وعراعرة، المنفذين لأجندات أمريكية هدفها تسييد هذا الكيان الصهيوني المسخ.

كلمة الشباب الشيوعيين قدمها الرفيق فراس سيريس، عضو المكتب الإداري للاتحاد الوطني لطلبة سورية في جامعة حلب، جاء فيها:

لقد وقف حزبنا مع الشباب، وقدّم كل الإمكانات المتوفرة لدعمهم وتهيئتهم سياسياً وثقافياً ووطنياً، فوجّه نشاطهم ونضالهم لما يخدم مصلحة الوطن والحزب. وأضاف: سيبقى شباب الحزب الشيوعي السوري الموحد شوكةً في عين الإمبريالية، وضد كل أشكال العدوان والعنصرية، واقفين درعاً على صدر الوطن ضد أي تدخل غربي وضد المشاريع الأمريكية.

وقدمت الرفيقة سامية ولاية كلمة النساء الشيوعيات، حيّت في بدايتها الحزب الشيوعي السوري، وأكدت أن حزبنا تبنى منذ تأسيسه قضايا المرأة وشجع على اندماجها بالعمل الحزبي جنباً إلى جنب مع الرجل، وقد لعبت المرأة الشيوعية دوراً هاماً في النضالات الحزبية والجماهيرية، وشاركت في المظاهرات أيام العهود السرية. وعمل الحزب على تأسيس رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة كمنظمة رديفة للحزب حيث نشطت العمل الجماهيري بين النساء، وأكدت الرفيقة  موقف الحزب من أجل تعديل القوانين المجحفة بحق المرأة في قانون الأحوال الشخصية وغيره، وأن المرأة السورية مستمرة بعطائها وتضحيتها بصبرها اللامحدود في ظروفنا القاسية والصعبة التي تمر بها البلاد.

وقدم المحامي الأستاذ إبراهيم مرجانة كلمة الشيوعيين القدامى قال فيها: تسعون عاماً مضت وحزبنا الشيوعي السوري يناضل في وطننا الغالي من أجل وطن حرٍ وشعب سعيد، هذا الحزب الذي تبنى منذ تأسيسه الماركسية العلمية برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وانخرط في النضال السري والعلني في أعماق الجماهير مدافعاً بجدارة وتضحية عن العمال والفلاحين والطبقة الوسطى في المجتمع، للحصول على حقوقهم ومنع استغلالهم، مطالباً بنظام ديمقراطي يحقق العدالة الاجتماعية للشعب.. ثم قدم الرفيق التهنئة لرفاقه أعضاء الحزب، وأشاد بنضالهم وبسالتهم في الدفاع عن حرية واستقلال الوطن ضد الإرهابيين التكفيريين.

و شارك المحترم الأب شكري توما بكلمة كان عنوانها (وقفة تأمل مع الزمن وتسعون عاماً في جبين التاريخ)، عبر فيها عن تقديره للحزب الشيوعي السوري بقوله:

عندما طلبت منه اللجنة المنطقية الحديث في المهرجان ترددت في البداية، لأنني رجل دين، والمناسبة سياسية، ثم وافقت على الطلب، لأن هذا الحزب العريق في نضاله من أجل الإنسان الحر والسيد في وطن تسوده العدالة الاجتماعية، وكحزب وطني ساهم في النضال ضد الاستعمار الفرنسي.

وقال أيضاً في كلمته: لن يستطيع الإنسان أن يعيش حراً ويستمتع بحريته وحوله عبيد سجناء، ولا قيمة لعقيدة ولا بقاء لها إن لم تساعد الإنسان على التحرر في أعماقه من قيود الأنانية والغرور وعبادة اللذة وحب السيطرة والسعي للامتلاك، والناس حوله جياع فقراء جهلة لا حول لهم ولا قوة. ثم توقف الأب شكري عند المحطات النضالية الإيجابية في تاريخ الحزب منها موقفه من الوحدة بين سورية ومصر والتحالف مع حزب البعث والانخراط في الجبهة الوطنية التقدمية، وتحدث عن مواقف الحزب المشرفة في أحداث الثمانينيات والأعوام الأربعة الأخيرة في التصدي لهذه الحرب الكونية الغاشمة على سورية التي لم يسلم منها البشر والشجر والحجر، وهذا غيض من فيض.

وأضاف: في هذه الظروف المريرة القاسية انتشرت بدع هدامة لم يكن المجتمع العربي السوري يعرفها، ظاهرة الوهابية المقيتة التي استغلت الدين السمح والدين منها براء. ثم ختم قائلاً: أمل ورجاء ومن جميع أبناء المجتمع العربي السوري بجميع مكوناته وأحزابه الوطنية الشريفة، أن يعود الأمن والأمان لربوع سورية الغالية، وإنها لمناسبة نذكر فيها بأسمى مشاعر الخشوع والإجلال شهداءنا الأبرار الغر الميامين، وقواتنا المسلحة رجال الله في الميدان الذين رفعوا رؤوسنا شموخاً بهم.

كما شارك الشيخ الفاضل الأستاذ محمد حماش بكلمة بيَّن فيها أن مختصر الإسلام واضح في الآية الكريمة (وما أرسلناك إلا رحمةَ للعالمين)، وأن كل قول أو عمل يتفق مع هذه الآية فهو من الإسلام وكل ما لا يتفق فهو كذبٌ وبهتان وإن كان العنوان هو الإسلام. ثم توجه الخطيب بالشكر لجميع أعضاء الحزب لدعوته، ثم تساءل قائلاً: هل شاخ الحزب الشيوعي السوري وقد بلغ التسعين؟ وأجاب: إن شباب وشيخوخة الأحزاب لا تحدده السنون، فكم من حزب شاخ وعجز وهو في طور الشباب، وكم من حزب على طول السنين لا يزداد إلا شباباً، إذاً المعيار ليس بالأعمار وإنما المعيار من خلال الإعمار، وأن طول العمر بحد ذاته في الأحزاب السياسية والحركات النهضوية دليل عمل وجهد، فالأحزاب تقدر من خلال العطاء لا بطول أو قصر البقاء، وهذا الحضور كماً ونوعاً، وحضور كل القوى الوطنية ما هو إلا دليل على عطاءات الحزب في تاريخه الطويل وفاعليته في الساحة الوطنية وهكذا تقاس الأمور. واقترح فضيلته أن يضيف الحزب إلى بنود احتفالية العام القادم جدولاً يبين فيه الأعمال البناءة التي قام بها خلال عام، ثم تمنى على الأحزاب السياسية المختلفة التعاون لما فيه خير الأمة والوطن.

وقدم الرفيق خالد الحريري قصيدة بعنوان (يا وطني) جاء فيها: هذا صراطك فاتزن/ واعبر غربتـَك الأخيرة/ في آخر ليلك الدامي/ ولا تلتفت/ كلُّ قيودك أصبحت خلفك/ وكلُّ ما ترجو أمامك/ فامدد يديك وافتح/ آخر أبواب المتاهة لكن/ لا تنسَ أصوات من سقطوا بجنبك/ فهي التي تدلك/ كلما تاه الطريق.

وقدم الأستاذ محمد سعيد نفوس أمين الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي كلمة الجبهة الوطنية التقدمية حيّا فيها الحزب الشيوعي السوري، وأشاد بتاريخه في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية ولبنان، وبيَّن أن هاجس الجلاء كان من أولوياته، كما أشاد بدوره في تأسيس النقابات العمالية، وفي فضح نوايا النازية والفاشية أيام الحرب العالمية الثانية، ثم دوره في مقارعة الدكتاتوريات التي مرت في تاريخ سورية بعد الاستقلال، ثم دوره في تشكيل الجبهة الوطنية التقدمية بعد الحركة التصحيحية، ثم أكد أن الحوار الوطني هو المخرج الوحيد للأزمة وهو خيار وأولوية لدى الشعب السوري بمختلف مكوناته وشرائحه الاجتماعية، وأن الشعب السوري قادر على تجاوز الأزمة، وأضاف: أن الحرب التي تُخاض ضد الشعب السوري هي حرب قذرة، وبالرغم من كل المظالم والآلام التي أصابت كل بيت في سورية، ومن كل الدماء والدمار، قرر هذا الشعب عدم الاستسلام والخنوع، وأن طموحات السوريين لا تصنعها سوى أيديهم المتشابكة المحافظة على الوطن موحداً مستقلاً، وسورية لن تركع وستنتصر.

وقدم الرفيق ماهر موقع، عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في حلب، كلمةً نقل فيها تحيات الرفاق أعضاء حزب البعث لرفاقنا في الحزب الشيوعي السوري الموحد، وأضاف: إن الحزب الشيوعي السوري سهم من سهام الوطن لمحاربة كل ما يمس سيادته وأمن شعبه، كما أكد أن تجربة الجبهة الوطنية التقدمية كانت تجربة رائدة أنجزها الرئيس حافظ الأسد بعد الحركة التصحيحية المجيدة التي يترافق ذكراها مع احتفالنا بعيد الحزب الشيوعي السوري الموحد. وأضاف: لقد أثبت رفاقنا في الحزب الشيوعي السوري الموحد وجههم الوطني بوقوفهم مع الوطن خلف سيادة الرئيس بشار الأسد الربان الماهر الذي سيوصل الوطن إلى بر الأمان، وأكد على ضرورة وأهمية أن يمارس الحزب الشيوعي السوري الموحد دوره الوطني ثقافياً أيديولوجياً ليشكل حالة من الوعي لمواجهة هذا الغزو الإمبريالي، وبيَّن الرفيق ماهر موقع على ضرورة إعادة النظر في الأخطاء والمبادئ التي حدثت في الماضي على ضوء مستجدات الحاضر لمواجهة المؤامرة التي تواجهها سورية. وختم قائلاً: نحن نقدر جهود كل الشرفاء الذين أدركوا أبعاد هذه المؤامرة التقسيمية ورفضوا التدخل الخارجي، وقد قام حزبكم بمواجهة هذا الغزو الصهيوأميركي بكل إمكاناته، واستطاعت سورية أن تتمسك بحقها في وحدة أراضيها، ونحن اليوم على طريق الانتصار.

كلمة الحزب الشيوعي السوري الموحد ألقاها سكرتير اللجنة المنطقية في حلب الرفيق عبد اللطيف محمد، شكر فيها الحضور على تلبيتهم الدعوة، مخصصاً أصحاب الدار نقابة الأطباء ممثلة بالدكتور عبد القادر دملخي رئيس فرع النقابة، مثمناً موقف الأطباء الذين أصروا على البقاء في الوطن والمساهمة في علاج مرضى وجرحى جيشنا وشعبنا البطل بالرغم من كل الإغراءات التي قدمت لهم للهروب من الوطن.

وبعد استعراض سريع لتاريخ حزبنا منذ النضال ضد الاستعمار الفرنسي، مروراً بالنضال ضد الدكتاتوريات المختلفة التي تعاقبت على سورية، ثم اشتراكه بالجبهة الوطنية التقدمية ثم مواجهته للإخوان المسلمين في الثمانينيات، ذاكراً بعض شهداء الحزب الذي قضوا دفاعاً عن الوطن والحزب، وصولاً إلى الحرب الحالية على سورية التي تهدف لتهديم الدولة السورية بكل ما فيها من تراث وحضارة وإنجازات.. ثم أكد الرفيق أن سورية تخوض هذه الحرب ليس دفاعاً عن حريتها وسيادتها فقط، بل تدفع ثمناً باهظاً لمنع مرور المخطط الهادف لإعادة رسم خريطة المنطقة على أسس عرقية وطائفية ومذهبية بما يحقق أهداف العدو الصهيوني، ومن أجل حماية المقاومة اللبنانية والفلسطينية أيضاً وعدم ضياع حقوق شعبنا الفلسطيني، وتخوضها أيضاً نيابةً عن شعوب العالم ومن ضمنها شعوب تلك الدول التي مولت ودربت وسهلت إرسال الإرهابيين التكفيريين.

وبيّن الرفيق فشل كل المحاولات الرامية إلى فرض حل عسكري خارجي على سورية سواء ما سمي بمناطق عازلة أو حظر الطيران، وأن السبب الرئيس لهذا الفشل هو صمود جيشنا العربي السوري وانتصاراته المتتالية والتفاف الشعب حوله والدور البارز لحلفاء سورية الشرفاء خاصةً روسيا والصين، وكذلك إيران ودول (البريكس).

وختم الرفيق بأن الحل لا يمكن أن يكون إلا حلاً سياسياً، ومن خلال حوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى الوطنية ومن مختلف أطياف الشعب السوري، حواراً سورياً- سورياً يحافظ على استقلال سورية، ويضمن وحدة أراضيها وشعبها، ويحقق الأمن والأمان للشعب السوري، ويحترم خياراته في دولة ديمقراطية تعددية علمانية معادية لكل أشكال الهيمنة.

بعد انتهاء كلمة حزبنا أعلنت عريفة الحفل الرفيقة لينا أشتر اختتام المهرجان على أنغام (نشيد الحزب) النشيد العربي السوري.

العدد 1105 - 01/5/2024