بحثاً عن الأمن والحلم!

تبعاً لإيقاع الحياة المتسارع في بلدنا، وضبابية المستقبل لدى غالبية الشباب بسبب الظروف الراهنة التي يشهدها البلد، لم يكن أمام أولئك الشباب سوى الهجرة طريقاً لتحقيق ما حلموا به منذ صغرهم.

فالهجرة موجودة عبر مر العصور، قديماً كانت برغبة أصحابها من أجل التجارة أو بغرض نشر الدين أو الإقامة الدائمة لأسباب مختلفة…

لكن ما تبدو عليه في وقتنا الحاضر هو أقسى تعريف لها، فقد أصبحت وكأنها ترغم الشباب عليها، وقد بدت أشبه بالتهجير، لا بالهجرة.

لم يجد شبابنا في ظل الأزمة التي تمر فيها البلاد وخصوصاً القوانين والمفاهيم والقيم التي فرضتها الأخيرة، والتي تخالف ما نشؤوا عليه ويخالف قيمهم ومبادئهم، لم يجدوا ما يشجعهم على البقاء أو حتى التفكير ببناء مستقبلهم ضمن ما فرضته الأزمة.

منهم من استطاع الهجرة قبل إكمال دراسته، ومنهم من لا يستطيع الهجرة إلى حين إكمال دراسته مترافقاً مع ذلك أن يجد عملاً يعيله ليخفف الحمل عن أهله، ولكي يستطيع تأمين المبلغ المطلوب للسفر.

وأكثر ما دفع الشباب للتفكير بالهجرة وبشكل جدي هو صعوبة الحياة في بلدهم وفقاً لما فرضته الأزمة من غلاء الأسعار بشكل جنوني، وانخفاض مستوى الأمن والانحدار في بعض القيم، والتشدد في بعضها وقلة فرص العمل التي تناسب دراستهم أو التي لا تقيد أحلامهم وطموحاتهم، فوجدوا أنفسهم أشبه بالضائعين الغرباء في مجتمعهم.

ويتجه غالبية الشباب للهجرة إلى البلاد التي يوجد فيها فرص عمل جيدة تعود عليهم بأموال تناسب جهدهم وعلمهم، وفيها ما يساعدهم على بناء مستقبلهم بالشكل المناسب، ويستطيعون فيها تحقيق أحلامهم دون وجود أي عائق يحد من تحقيقها. لكن ما يفتقدونه في غربتهم، وتبعاً لرأي شريحة كبيرة من الشباب المغترب، هو قيمنا وأخلاق مجتمعنا ما قبل الأزمة، مما يزيد شوقهم والحنين إلى وطنهم سابقاً.

لكن اللافت للانتباه، والمُثير للتساؤول أن الكثير من الشباب اليوم يرغبون بالهجرة بطريقة غير قانونية رغم معرفتهم بمخاطر تلك الهجرة التي قد تكون نهاية حياتهم بدلاً من أن تكون بداية ذلك الحلم الذي لطالما حلموا فيه، بسبب عجز بلدهم عن مساعدتهم في تحقيقه وفي توفير مناخ الأمن والحياة الكريمة.

فهل تلك البلاد أولى بأحلام شبابنا وطموحاتهم وطاقاتهم من بلد تذروه رياح الحرب في كل الاتجاهات..؟

العدد 1105 - 01/5/2024