الأزمة السورية بين جولتين

لم تطفأ نيران الأزمة خلال الأيام العشرة  الفاصلة، بين الجولة الأولى والتحضير للجولة الثانية.ولم تغلق الدبلوماسية الروسية أبوابها، وأول من طرق بابها أحمد الجربا رئيس ما يسمى ب (الائتلاف). ويبدو أن موقفه بقي على حاله من الحل السياسي للأزمة السورية والتمركز حول تشكيل (هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات)، ولا ندري لماذا بعد لقائه مع نبيل (العربي) خرج من الباب الخلفي..!

لقد ازدادت الفجوة بين (الائتلاف) و(هيئة التنسيق الوطنية). ولم يحقق لقاؤهما في القاهرة النجاح  والاتفاق على مشاركة المعارضات بوفد واحد إلى جنيف2. ويرى (الائتلاف) أن قضية (هيئة الحكم الانتقالي) يجب أن تحتل صدارة العمل لتطبيق جنيف2 .  بينما يرى الأستاذ حسن عبد العظيم، أن هذه القضية تأتي في مراحل لاحقة ولا تحتل الأولوية حالياً. وأكد رئيس هيئة التنسيق في الخارج هيثم مناع، أن مهمة المنسق العام هي إيصال وجهة نظر الهيئة والقوى الديمقراطية الأخرى إلى الائتلاف، ودعوته إلى اللقاء التشاوري المقرر هذا الشهر، بين مختلف فصائل المعارضة السورية لوضع خطة طريق مشتركة.

هناك من يتساءل: هل يوجد تباين بين موقفي مسؤولي هيئة التنسيق في الداخل والخارج؟

فقد ظهرت تباينات في قيادة هيئة التنسيق حول العرض الذي قدمه الجربا بتقاسم الوفد إلى جنيف 2 (5+5+3 من العسكر).. وهناك من يرى ضرورة الالتحاق بعملية جنيف في أسرع وقت والذهاب في ما بعد إلى اللقاء التشاوري، ومجموعة أخرى تعتقد بأسبقية اللقاء التشاوري، ويتوقف الموقف النهائي على قرار المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية.

النقطة البارزة الأكثر حرارة هي الانقسام في جلسة مجلس الأمن، الذي شهد سجالاً عنيفاً وحاداً بين سفيري (روسيا وبريطانيا)، أثناء مناقشة الملف الكيماوي السوري. وما (زاد الطين بلة) أن السفير الروسي شطب اسم بريطانيا من لائحة الدول التي تواكب السفينتين (الدانماركية والنروجية) المكلفتين نقل الأسلحة الكيماوية إلى خارج سورية. وقال تشوركين مخاطباً السفراء الغربيين الذين يعدون مشروع قرار إنساني بشأن سورية: (نحن ضد الانتقال إلى قرار في مجلس الأمن.. والتوقيت الآن غير مناسب على الإطلاق).

لقد اعترفت الإدارة الأمريكية بأن الدولة السورية لن تسقط، وأن الجيش السوري لا يزال موحداً ويلاحق فلول المجموعات المسلحة الإرهابية التكفيرية، وأن مئات المسلحين ك (الكلاب المسعورة) تتعفن جثثهم على أبواب سجن حلب المركزي، وفي ريف حلب ودرعا وإدلب وريف دمشق. وكل يوم يحقق الجيش السوري الباسل هزيمة للوهابيين والظلاميين. وكل يوم يسلّم مئات المسلحين أسلحتهم. وحققت المصالحة الوطنية النجاح في مناطق عدة، وكذلك يكرر السكان كما في مسيرات (النبك وكفرسوسة ودوما وغيرها) الطلب من الجيش السوري حمايتهم من أعمال العنف والقتل وقطع الرؤوس.

وما يثير التساؤلات (ترحيل) سفير الولايات المتحدة السابق في سورية روبرت فورد أو تقاعده، الذي مرَّغ بالوحل في 15 /ك2 الماضي أزلام السعودية في إسطنبول.. وقد ظهروا مثل قافلة من النمل داست أجسادهم الأحذية الأمريكية.. وما يبشرب (الخير الملكي)، أن الملك السعودي قابل للتطور بهذه السرعة؟ وقد أصدر أمراً ملكياً قبل عدة أيام يؤشر بوضوح، حسب ما نشر في صحيفة (الأخبار) اللبنانية، إلى أن (القضية التي صدر الأمر الملكي في شأنها تتجاوز سلطة مجلس الوزراء، وتستوجب ما يمكن وصفه ب (تعهّد خطي) من الملك نفسه بمحاربة الإرهاب).

إن الولايات المتحدة الأمريكية ترعى الإرهاب والدول الداعمة له، بالمال والسلاح والتدريب والشراء والتصدير، وتكفي إشارة واحدة فقط من البيت الأبيض، لتغيير السياسة في زوايا منفرجة لممالك ومشيخات النفط، تكفي لإصدار الفرمانات والأوامر الملكية.. وكانت البداية ترحيل سافك دماء السوريين (بندر) إلى الولايات المتحدة.. ووعد كيري بتغيير الوزارات السيادية والاستخبارات في آذار القادم.

لقد بدأت الجولة الثانية في مباحثات جنيف،2 وسيتم في هذه الجولة مناقشة بنود جنيف1 حسب التسلسل، كما يؤكد الوفد الحكومي السوري.. وربما تتعدد الجولات، لكن الحل السياسي يظلّ البديل عن الحل العسكري..! وتظل سورية المستقبل هي الهدف الأول والأخير.. سورية المدنية العلمانية التعددية الديمقراطية.

العدد 1105 - 01/5/2024